واحدة إذ كانت البساتين عن يمينهم وشمالهم متّصلة بعضها ببعض وكانت المرأة تمشي والمكتل على رأسها فيمتلىء من الفواكه. وقيل : الآية المذكورة هو أنّه لم يكن في قريتهم بعوضة ولا برغوث ولا عقرب ولا حيّة. وكانت ثلاث عشرة قرية في كلّ قرية نبيّ يدعوهم إلى الله. (كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ). أي يقول لهم الأنبياء. (بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ) ؛ أي : هذه بلدة مخصبة نزهة عذب الماء والهواء فأعرضوا عن دعوة الأنبياء. (فِي مَسْكَنِهِمْ). على التوحيد بفتح الكاف حمزة وحفص ، وبكسر الكاف الكسائيّ. والباقون : «مساكنهم» على الجمع. (١)
(فِي مَسْكَنِهِمْ) ـ الآية. قال : فإنّ بحرا كان من اليمين وكان سليمان أمر جنوده أن يجروا لهم خليجا من البحر العذب إلى بلاد الهند ففعلوا ذلك وعقدوا له عقدة عظيمة من الصخر والفلس (٢) حتّى يفيض على بلادهم وجعلوا للخليج مجاري وكانوا إذا أرادوا أن يرسلوا منه الماء أرسلوه بقدر ما يحتاجون إليه. وكانت لهم جنّتان عن يمين وشمال عن مسيرة عشرة أيّام ، فمن يمرّ لا يقع عليه الشمس من التفافهما. فلمّا عملوا بالمعاصي وعتوا عن أمر ربّهم ونهاهم الصالحون فلم ينتهوا ، فبعث الله على ذلك السدّ الجرذ ـ وهي الفأرة الكبيرة ـ تقلع الصخرة التي لا يستقيلها الرجال وترمي به. فلمّا رأى ذلك القوم منهم ، هربوا وتركوا البلاد فلم يشعروا حتّى غشيهم السيل وخرّب بلادهم وقطع أشجارهم. (٣)
[١٦] (فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ (١٦))
وقوله : (سَيْلَ الْعَرِمِ) ؛ أي : العظيم الشديد. (خَمْطٍ). وهو أمّ غيلان. (وَأَثْلٍ). هو نوع من الطرفا. (٤)
(فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ). والعرم : المسناة التي تحبس الماء. وقيل : اسم واد يجتمع فيه سيول من أودية شتّى. وقيل : العرم اسم الجرذ الذي نقب السكر عليهم. وذلك أنّ الماء
__________________
(١) مجمع البيان ٨ / ٦٠٤ ـ ٦٠٥ و ٦٠٢.
(٢) المصدر : الكلس.
(٣) تفسير القمّيّ ٢ / ٢٠٠ ـ ٢٠١.
(٤) تفسير القمّيّ ٢ / ٢٠١.