بأن يترحّم عليه الله ويسلّم. وقد اختلف في وجوب الصلاة عليه. فمنهم من أوجبها كلّما جرى ذكره. وفي الحديث : من ذكرت عنده فلم يصلّ عليّ فدخل النار ، فأبعده الله. وعنه صلىاللهعليهوآله : انّ الله وكّل بي ملكين. فلا أذكر عند عبد مسلم فيصلّي إلّا قال ذلك الملكان : غفر الله لك. وقال الله وملائكته جوابا لذينك الملكين : آمين. وإذا لم يصلّ عليّ ، قال ذانك الملكان : لا غفر الله لك. وقال الله وملائكته لذينك الملكين. آمين. ومنهم من قال : يجب في كلّ مجلس مرّة وإن تكرّر ذكره ، كما قيل في آية السجدة. وكذلك في كلّ دعاء في أوّله وآخره. ومنهم من أوجبها في العمر مرّة. وكذا قال في إظهار الشهادتين. والذي يقتضيه الاحتياط الصلاة عليه عند كلّ ذكر لما ورد من الأخبار. وأمّا كونها شرطا في جواز الصلاة ، فقال به الشافعيّ. وأبو حنيفة لا يراها شرطا. وأمّا الصلاة على غيره ، فالقياس يقتضي جوازها على كلّ مؤمن ؛ لقوله : (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ). (١)
وقوله : (وَصَلِّ عَلَيْهِمْ). (٢) ولكنّ للعلماء تفصيلا في ذلك ؛ وهو : انّها إن كانت على سبيل التبع ـ كقولك : اللهمّ صلّ على النبيّ وآله ـ فلا كلام فيها. وأمّا إذا أفرد غيره من أهل بيته بالصلاة كما يفرد هو ، فمكروه. لأنّ ذلك صار شعارا لذكر رسول الله ولأنّه يؤدّي إلى الاتّهام بالرفض. وقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فلا يقفنّ مواقف التهم. (٣)
أقول : ما ذكره من الخلاف في كيفيّة وجوب الصلاة ، هو موجود أيضا بين علمائنا. والذي دلّت عليه أكثر الأخبار ، هو الوجوب مطلقا كلّما ذكر وإن كان بالاسم أو الكنية أو الضمير. وفي الكلّ خلاف. وأمّا قوله : (فإنه يؤدي إلى الاتهام بالرفض) فلا يخفى ما فيه من شدّة العناد والعصبيّة. وكان عليه أن لا يقرّ بكلمة الشهادة ولا يأتي بعبادة يفعلها الروافض. وسيعلم الذين ظلموا ، بل كفروا ، أيّ منقلب ينقلبون.
__________________
(١) الأحزاب (٣٣) / ٤٣.
(٢) التوبة (٩) / ١٠٣.
(٣) الكشّاف ٣ / ٥٥٧ ـ ٥٥٨.