وبينهم حتّى لا يؤذوه. وقوله : (لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ) يعني المشركين ؛ وهم أبو سفيان والنضر بن الحارث وأبو جهل وأمّ جميل امرأة أبي لهب. حجب الله رسوله صلىاللهعليهوآله عن أبصارهم عند قراءة القرآن وكانوا يمرّون به ولا يرونه. (حِجاباً مَسْتُوراً) ؛ أي : ساترا. عن الأخفش. والفاعل قد يكون في لفظ المفعول. وقيل : هو على بناء النسب. أي : حجابا ذا ستر. وهذا هو الصحيح. وقيل : حجابا مستورا عن الأعين ، وإنّما هو من قدرة الله. (١)
[٤٦] (وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً (٤٦))
(أَنْ يَفْقَهُوهُ). مفعول له. أي : كراهة أن يفقهوه. (وَقْراً). الوقر : الثقل في الأذن. (فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ) : إذا ذكرت الله بالتوحيد وأبطلت الشرك. (وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً) ؛ أي : أعرضوا عنك مدبرين نافرين. وهم كفّار قريش. وقيل : هم الشياطين. قيل : معناه : إذا سمعوا (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) وقيل : قول (لا إِلهَ إِلَّا اللهُ). (نُفُوراً). حال. أي : نافرين. (٢)
عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله إذا صلّى بالناس ، جهر ببسم الله الرحمن الرحيم ، فتخلّف من خلفه من المنافقين عن الصفوف. فإذا جازها في السورة ، عادوا إلى مواضعهم. وقال بعضهم لبعض : إنّه يحبّ ربّه. فأنزل الله : (وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً). (٣)
وعن أبي جعفر عليهالسلام قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم. فإذا سمعها المشركون ولّوا مدبرين. فأنزل الله : (وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ) ـ الآية. (٤)
(وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ). هذه حكاية لما كانوا يقولونه. (وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ). (٥) كأنّه قال : وإذا قرأت القرآن ، جعلنا على
__________________
(١) مجمع البيان ٦ / ٦٤٥.
(٢) مجمع البيان ٦ / ٦٤٥ ـ ٦٤٦.
(٣) تفسير العيّاشيّ ٢ / ٢٩٥ ، ح ٨٧.
(٤) نور الثقلين ٣ / ١٧٣ ، ح ٢٤٧.
(٥) فصّلت (٤١) / ٥.