المشركين والثانية ممّا نزّه به نفسه عن مقالهم. (١)
(إِذاً لَابْتَغَوْا). جواب عن مقالة المشركين وجزاء للو. ومعنى (لَابْتَغَوْا إِلى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً) : لطلبوا إلى من له الملك والربوبيّة سبيلا بالمغالبة ، كما يفعل الملوك بعضهم مع بعض. كقوله : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا). (٢) وقيل : لتقرّبوا إليه. كقوله : (الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ)(٣). (٤)
(لَابْتَغَوْا) : لطلبوا القرب إليه لأنّه أعظمهم. (ع ـ ره)
[٤٣] (سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيراً (٤٣))
(عُلُوًّا). في معنى تعاليا. والمراد البراءة من ذلك والنزاهة. ومعنى وصف العلوّ بالكبر المبالغة في معنى البراءة والبعد ممّا وصفوا به. (٥)
[٤٤] (تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً (٤٤))
(تُسَبِّحُ). المراد أنّها تسبّح له بلسان الحال حيث تدلّ على الصانع وعلى قدرته وحكمته فكأنّها تنطق بذلك وكأنّها تنزّه الله ممّا لا يجوز عليه من الشركاء وغيره. فإن قلت : فما تصنع بقوله : (وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) [وهذا التسبيح] مفقوه معلوم؟ قلت : الخطاب للمشركين. وهم ، وإن كانوا إذا سئلوا عن خالق السموات والأرض قالوا الله ، إلّا أنّهم لمّا جعلوا معه آلهة مع إقرارهم ، فكأنّهم لم ينظروا ولم يقرّوا. لأنّ نتيجة النظر الصحيح خلاف ما كانوا عليه ، فإذا لم يفقهوا التسبيح ولم يستوضحوا الدلالة على الخالق. فإن قلت : من فيهنّ يسبّحون على الحقيقة ـ وهم الملائكة والثقلان ـ وقد عطفوا على السموات والأرض. فما
__________________
(١) تفسير البيضاويّ ١ / ٥٧٢.
(٢) الأنبياء (٢١) / ٢٢.
(٣) الإسراء (١٧) / ٥٧.
(٤) الكشّاف ٢ / ٦٦٩.
(٥) الكشّاف ٢ / ٦٦٩.