(فَضَّلْنا) بأن جعلنا بعضهم أغنياء وبعضهم فقراء وبعضهم موالي وبعضهم عبيدا ونحو ذلك. ودرجات الآخرة أكبر وأفضل وهي على قدر الأعمال. فينبغي أن يكون رغبتهم في الآخرة. عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : إنّما ترتفع العباد غدا وينالون الزلفى من ربّهم على قدر عقولهم. (١)
[٢٢] (لا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولاً (٢٢))
(لا تَجْعَلْ). الخطاب للرسول صلىاللهعليهوآله والمراد أمّته. أو لكلّ أحد. (فَتَقْعُدَ) ؛ أي : فتصير. من قولهم : شحذ الشفرة حتّى قعدت كأنّها حربة. أو : فتعجز. من قولهم : قعد عن الشيء ، إذا عجز منه. (مَذْمُوماً مَخْذُولاً) : جامعا على نفسك الذمّ من الملائكة والمؤمنين والخذلان من الله. ومفهومه أنّ الموحّد يكون ممدوحا منصورا. (٢)
[٢٣] (وَقَضى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً (٢٣))
(وَقَضى رَبُّكَ) ؛ أي : أمر أمرا مقطوعا به بأن لا تعبدوا إلّا إيّاه. ويجوز أن يكون أن مفسّرة ولا ناهية. (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) : وبأن تحسنوا ـ أو أحسنوا ـ بالوالدين إحسانا. (إِمَّا يَبْلُغَنَّ). إمّا إن الشرطيّة زيدت عليها ما تأكيدا. ولذلك صحّ لحوق النون المؤكّدة للفعل. و (أَحَدُهُما) فاعل يبلغنّ ، وبدل ـ على قراءة حمزة والكسائيّ ـ من ألف «يبلغان» الراجع إلى الوالدين. ومعنى (عِنْدَكَ) أن يكونا في كنفه وكفالته. (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ) : فلا تنضجر ممّا يستقذر منهما وتستثقل من مؤونتهما. وهو صوت يدلّ على تضجّر. وقيل : اسم الفعل الذي هو أتضجّر. وهو مبنيّ على الكسر لالتقاء الساكنين. والنهي عن ذلك يدلّ على المنع من سائر أنواع الإيذاء قياسا بطريق الأولى ، وقيل : عرفا ، كقولك فلان لا يملك النقير والقطمير. (وَلا تَنْهَرْهُما) ؛ أي : لا تزجرهما عمّا لا يعجبك بإغلاظ. و (قُلْ لَهُما) بدل التأفيف والنهر قولا جميلا. (أُفٍّ). ابن كثير ويعقوب وابن عامر بفتح [الفاء على
__________________
(١) مجمع البيان ٦ / ٦٢٨.
(٢) تفسير البيضاويّ ١ / ٥٦٧ ـ ٥٦٨.