أطفال الكفّار يعذّبون مع آبائهم في النار. (١)
(وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ) ؛ أي : ما كنّا معذّبين قوما بعذاب الاستئصال إلّا بعد الإعذار إليهم بإرسال الرسل مظاهرة في العدل وإن كان يجوز أخذهم على ما يتعلّق بالعقل معجّلا. فعلى هذا التأويل تكون الآية عامّة في العقليّات والشرعيّات. وقال أكثر المفسّرين ـ وهو الأصّح ـ : إنّ المراد أنّه سبحانه لا يعذّب في الدنيا ولا في الآخرة إلّا بعد البعثة وإنّ الآية خاصّة فيما يتعلّق بالسمع من الشرعيّات. فأمّا ما كانت الحجّة فيه العقل ـ وهو الإيمان بالله ـ فإنّه يجوز العقاب بتركه وإن لم يبعث الرسول ، عند من قال إنّ التكليف العقليّ ينفكّ من (٢) التكليف السمعيّ. على أنّ المحقّقين منهم يقولون : [إنّه] وإن جاز التعذيب عليه قبل بعثة الرسول إلّا أنّه سبحانه لا يفعل ذلك مبالغة في الكرم والفضل والإحسان. فقد حصل من هذا أنّه لا يعاقب أحدا إلّا بعد الإرسال استظهارا في الحجّة. لأنّه إذا اجتمع داعي العقل وداعي السمع ، زال الريب. وهذا لا يدلّ على أنّه لو لم يبعث رسولا يحسن [منه] أن يعاقب إذا ارتكب القبائح العقليّة إلّا أن يفرض في بعثة الرسول لطف ؛ فإنّ عند ذلك لا يحسن منه سبحانه أن يعاقب إلّا بعد أن يوجّه إليه ما هو لطف له فيزاح بذلك علّته. (٣)
(وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ) وإن كان على العقليّات التي تدرك بالعقل. وذلك لأنّ بعثة الرسول من جملة التنبيه على النظر والإيقاظ من رقدة الغفلة لئلّا يقولوا كنّا غافلين فلولا بعثت إلينا رسولا ينبّهنا على النظر في أدلّة العقل. (٤)
[١٦] (وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْناها تَدْمِيراً (١٦))
(أَمَرْنا). عن أبي جعفر عليهالسلام في قوله : (وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها) مشدّدة
__________________
(١) مجمع البيان ٦ / ٦٢٣.
(٢) كذا في المصدر. وفي النسخة : (يكفي عن) بدل (ينفك من»
(٣) مجمع البيان ٦ / ٦٢٣.
(٤) الكشّاف ٢ / ٦٥٣.