(آيَتَيْنِ) تدلّان على القادر الحكيم بتعاقبهما على نسق واحد. (آيَةَ اللَّيْلِ) ؛ أي : الآية التي هي اللّيل. والإضافة فيها للتبيين. (مُبْصِرَةً) ؛ أي : مضيئة أو مبصرة للناس. [أو : مبصرا أهله.] كقولك : أجبن الرجل ، إذا كان أهله جبناء. وقيل : الآيتان القمر والشمس. أي : جعلنا نيّري اللّيل والنهار آيتين. أو : جعلنا اللّيل والنهار ذوي آيتين. ومحو آية اللّيل التي هي القمر جعلها مظلمة في نفسها مطموسة النور ، أو نقص نورها شيئا فشيئا إلى المحاق. وجعل آية النهار التي هي الشمس مبصرة [جعلها] ذات شعاع تبصر الأشياء بضوئها. (فَضْلاً) ؛ أي : لتطلبوا في بياض النهار أسباب معاشكم. (وَلِتَعْلَمُوا) باختلافهما أو بحركاتهما. (وَكُلَّ شَيْءٍ) من أمور الدين والدنيا. (١)
(فَمَحَوْنا). عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه قال : لمّا خلق الله القمر ، كتب عليه : لا إله إلّا الله. محمّد رسول الله. عليّ أمير المؤمنين عليهماالسلام. وهو السواد الذي ترونه في القمر. (٢) أقول : وهو قوله : (فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ).
[١٣] (وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً (١٣))
(طائِرَهُ). هو من قولك : طار له سهم ، إذا خرج. يعني : ألزمناه ما طار من عمله. (٣)
عن أبي عبد الله وأبي جعفر عليهماالسلام قالا : قدره الذي قدّر عليه. (٤)
(طائِرَهُ) ؛ أي : عمله وما قدّر له. كأنّه طير إليه من عشّ الغيب ووكر القدر. لمّا كانوا يتيمّنون ويتشأّمون بسنوح الطائر وبروحه ، استعير لما هو سبب الخير والشرّ من قدر الله وعمل العبد. (فِي عُنُقِهِ) : لزوم الطوق في عنقه. (كِتاباً) ؛ أي : صحيفة عمله. ونصبه بأنّه مفعول أو حال من مفعول محذوف هو ضمير الطائر. (٥)
__________________
(١) تفسير البيضاويّ ١ / ٥٦٦.
(٢) الاحتجاج / ١٥٨.
(٣) الكشّاف ٢ / ٦٥٢.
(٤) تفسير العيّاشيّ ٢ / ٢٨٤ ، ح ٣٢.
(٥) تفسير البيضاويّ ١. / ٥٦٦.