قائلا قال : لم كانت فاحشة؟ فقيل : لأنّ أحدا قبلهم لم يقدم عليها لإفراط قبحها حتّى أقدم عليها قوم لوط لخبث طينتهم وقذر طباعهم. قالوا : لم ينز ذكر على ذكر قبل قوم لوط قطّ. (١)
[٢٩] (أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قالُوا ائْتِنا بِعَذابِ اللهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٢٩))
(أَإِنَّكُمْ). أهل الكوفة غير حفص : (أَإِنَّكُمْ) بهمزتين في الموضعين. وأبو عمرو بالاستفهام بهمزة ممدودة. والباقون بكسر الهمزة من غير استفهام في الأوّل وبالاستفهام في الثاني. من قرأبلفظ الاستفهام ، أراد به الإنكار. ومن قرأ : «إنكم» على الخبر أراد أنّ لوطا أخبرهم بذلك منكرا لفعلهم. (وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ). كانوا يرمون ابن السبيل بالحجارة بالحذف ، فأيّهم أصابه كان أولى به ، ويأخذون ماله وينكحونه ويغرمونه ثلاثة دراهم. وكان لهم قاض يقضي بذلك. (٢)
(تَقْطَعُونَ السَّبِيلَ). [قطع السبيل] عمل قطّاع الطريق من قتل الأنفس وأخذ الأموال. وقيل : اعتراضهم السابلة بالفاحشة. وقيل : قطع النسل بإتيان ما ليس بحرث. (فِي نادِيكُمُ) ؛ أي : مجلسكم. ولا يقال النادي إلّا لما فيه أهله. (الْمُنْكَرَ). عن ابن عبّاس : هو الخذف بالحصى ، والرمي بالبنادق ، والفرقعة ، ومضغ العلك والسواك بين الناس ، وحلّ الأزرار ، والسباب والفحش في المزاح. وقيل : كانوا يتحاقبون ويسخرون بمن مرّ بهم ويتجاهرون في ناديهم بذلك العمل. (مِنَ الصَّادِقِينَ) في استقباح ذلك أو في دعوة النبوّة. (٣)
[٣٠] (قالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ (٣٠))
(انْصُرْنِي) بإنزال العذاب. (الْمُفْسِدِينَ). كانوا يفسدون الناس بحملهم على ما كانوا عليه من المعاصي والفواحش طوعا وكرها ، ولأنّهم ابتدعوا الفاحشة وسنّوها فيمن
__________________
(١) الكشّاف ٣ / ٤٥١.
(٢) مجمع البيان ٨ / ٤٣٩ ـ ٤٤٠.
(٣) الكشّاف ٣ / ٤٥٢ ، تفسير البيضاويّ ٢ / ٢٠٨.