على الرسول أن يبلّغ ولا عليه أن يصدّق ولا يكذّب. وهذه الآية والآيات التي بعدها إلى قوله : (فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ) محتملة أن تكون من جملة قول إبراهيم لقومه ، ويحتمل أن تكون اعتراضا بذكر شأن النبيّ صلىاللهعليهوآله وقريش وهدم مذاهبهم والوعيد على سوء صنيعهم توسّط بين طرفي قصّته من حيث إنّ مساقها لتسلية الرسول صلىاللهعليهوآله بأنّ أباه خليل الله كان ممنوّا بنحو ما مني به من شرك القوم وتكذيبهم وتشبيه حاله فيهم بحال إبراهيم في قومه. (١)
[١٩] (أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ (١٩))
(أَوَلَمْ يَرَوْا). يعني كفّار مكّة الذين أنكروا البعث وأقرّوا بأنّ الله هو الخالق. فقال : أو لم يتفكّروا فيعلموا كيف بدأ الله الخلق بعد العدم ثمّ يعيدهم ثانيا إذا أعدمهم؟ وقوله : (ثُمَّ يُعِيدُهُ) معطوف على أو لم يروا لا على يبدئ فإنّ الرؤية غير واقعة عليه. ويجوز أن يؤوّل الإعادة بأن ينشئ في كلّ سنة ما كان في السنة السابقة من النبات والثمار ونحوهما ويعطف على يبدئ. (إِنَّ ذلِكَ). الإشارة إلى الإعادة أو على ما ذكر من الأمرين. (٢)
(أَوَلَمْ يَرَوْا). حمزة والكسائيّ وأبو بكر بالتاء على تقدير القول. (٣)
[٢٠] (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٠))
(قُلْ سِيرُوا). أي : قل ـ يا محمّد ـ لهؤلاء الكفّار : سيروا في الأرض وتفكّروا في آثار من كان قبلكم وإلى أيّ شيء صار أمرهم لتعتبروا ويؤدّيكم ذلك إلى العلم بربّكم. وقيل : معناه : فانظروا وابحثوا هل تجدون خالقا غير الله. فإذا علموا أنّه لا خالق ابتداء إلّا الله ، لزمتهم الحجّة في الإعادة. وهو قوله : (ثُمَّ اللهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ). والإفصاح باسم الله مع إيقاعه مبتدأ بعد إضماره في بدأ ـ والقياس عكسه ـ للدلالة على أنّ المقصود بيان الإعادة و
__________________
(١) تفسير البيضاويّ ٢ / ٢٠٦ ، والكشّاف ٣ / ٤٤٧.
(٢) مجمع البيان ٨ / ٤٣٥ ، وتفسير البيضاويّ ٢ / ٢٠٦.
(٣) تفسير البيضاويّ ٢ / ٢٠٦.