عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : صار العبّاس إلى أمير المؤمنين عليهالسلام فقال له : امش حتّى نبايع لك الناس. فقال له : أتراهم فاعلين؟ قال : نعم. قال : فأين قول الله : (الم* أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا) ـ الآية. وعنه صلىاللهعليهوآله أنّه نام ليلة في المسجد ، فلمّا كان قرب الصبح ، دخل عليهالسلام عليه فقال له : يا عليّ ، بت هذه اللّيلة حيث تراني. فقد سألت ربّي ألف حاجة فقضاها لي. وسألت لك مثل ذلك فقضاها. وسألت لك ربّي أن يجمع أمّتي لك من بعدي ، فأبى عليّ ربّي فقال : (الم* أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا) ـ الآية. (١)
[٣] (وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ (٣))
ثمّ أقسم سبحانه فقال : (وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) ؛ أي من قبل أمّة محمّد صلىاللهعليهوآله بالفرائض والشدائد والمصائب. منهم إبراهيم خليل الرحمن. فإنّ قوما كانوا معه نشروا بالمناشير على دين الله فلم يرجعوا. وبنو إسرائيل صبروا على تعذيب فرعون لهم. (فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ) ؛ أي : يعلمه علما حادثا بعد الوقوع. وقيل : معناه : فليميّزنّ الله الذين صدقوا من الذين كذبوا بالجزاء. [وعبّر عن الجزاء] والتمييز بالعلم لأنّ كلّ ذلك إنّما يحصل بالعلم. (٢)
وفي قوله : (فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا) قال : عليّ وأصحابه. (وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ) أعداؤه. (٣)
[قرأعليّ عليهالسلام :] «فليعلمن» و «ليعلمن» بضمّ الياء وكسر اللّام فيهما. وهو المرويّ عن جعفر بن محمّد عليهماالسلام ووافقه الزهريّ. (٤)
والمعنى على هذه القراءة : (لَيَعْلَمَنَّ) من الإعلام أي : ليعرّفنّهم الله الناس من هم. أو : ليسمنّهم بعلامة يعرفون بها من بياض الوجوه وسوادها وكحل العين وزرقتها. (٥)
__________________
(١) تأويل الآيات ١ / ٤٢٧ ـ ٤٢٨.
(٢) مجمع البيان ٨ / ٤٢٧ ـ ٤٢٨.
(٣) تأويل الآيات ١ / ٤٢٩.
(٤) مجمع البيان ٨ / ٤٢٦.
(٥) الكشّاف ٣ / ٤٤٠.