أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه كان يمشي في الأسواق وحده وهو دالّ يرشد الضالّ ويعين الضعيف ويمرّ بالبيّاع والبقّال فيفتح عليه القرآن ويقرأ : (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ) ـ الآية. ويقول : نزلت هذه الآية في أهل العدل والتواضع من الولاة وأهل القدرة من سائر الناس. وعنه عليهالسلام أنّ الرجل يعجبه شراك نعله فيدخل في هذه الآية. يعني أنّ من تكبّر على غيره بلباس يعجبه ، فهو ممّن يريد علوّا في الأرض. وقيل : المراد بقوله : (فَساداً) الدعاء إلى عبادة غير الله. وقيل : هو أخذ المال بغير حقّ. (وَالْعاقِبَةُ) الجميلة المحمودة من الفوز بالثواب ، للّذين اتّقوا الشرك والمعاصي. وقيل : معناه : الجنّة لمن اتّقى عذاب الله بأداء فرائضه واجتناب معاصيه. (١)
عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه تلا قوله تعالى : (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ) فقال : ذهبت ـ والله ـ الأمانيّ عند هذه الآية. وقال : [فاز ـ والله ـ الأبرار ...] هم الذين لا يؤذون الذرّ. (٢)
[٨٤] (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ إِلاَّ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (٨٤))
(فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها) ذاتا وقدرا ووصفا. (إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ) ؛ أي : لا يزاد في عقابهم على قدر استحقاقهم ، بخلاف الزيادة في الفضل على الثواب المستحقّ فإنّه يكون تفضّلا. (٣)
[٨٥] (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جاءَ بِالْهُدى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٨٥))
(عَلَيْكَ). خطاب للنبيّ. أي : الذي أوجب عليك الامتثال بما تضمّنه القرآن. (لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ) ؛ أي : يردّك إلى مكّة. قال القتيبيّ : معاد الرجل بلده. لأنّه يتصرّف في البلاد ثمّ يعود إليه. وقيل : (إِلى مَعادٍ) ؛ أي : إلى الموت ، أو إلى يوم القيامة ، أو إلى الجنّة. يعني أنّه مميتك و
__________________
(١) تفسير البيضاويّ ٢ / ٢٠١ ، ومجمع البيان ٧ / ٤٢٠.
(٢) تفسير القمّيّ ٢ / ١٤٦.
(٣) تفسير البيضاويّ ٢ / ٢٠١ ، ومجمع البيان ٧ / ٤٢٠.