لنسقي من ذلك الماء (أَنْعاماً وَأَناسِيَّ) ؛ أي : أهل البلد الذين يعيشون بالحيا. ولذلك نكّر الأنعام والأناسيّ. وتخصيصهم لأنّ أهل المدن والقرى يقيمون بقرب الأنهار والمنابع. وأناسيّ جمع إنسيّ أو إنسان على أنّ أصله أناسين فقلبت النون ياء. (١)
[٥٠] (وَلَقَدْ صَرَّفْناهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً (٥٠))
(وَلَقَدْ صَرَّفْناهُ) ؛ أي : صرّفنا هذا القول بين الناس في القرآن وسائر الكتب ، أو المطر بينهم في البلدان المختلفة والأوقات المتغايرة والصفات المتفاوتة من وابل وطلّ وغيرهما. وعن ابن عبّاس : ما عام بأمطر من عام ؛ ولكنّ الله قسم ذلك بين عباده على ما يشاء. وتلا هذه الآية. أو في الأنهار ، أو في المنابع. (٢)(إِلَّا كُفُوراً) ؛ أي : إلّا كفران النعمة وقلّة الاكتراث لها ، أو جحودها بأن يقولوا : مطرنا بنوء كذا وكذا. ومن لا يرى الأمطار إلّا من الأنواء ، كان كافرا بخلاف من يرى أنّها من خلق الله والأنواء وسائط وأمارات يجعله الله تعالى. والأنواء منازل القمر ؛ وهي ثمانية وعشرون. وقيل : فأبوا إلّا كفورا ؛ بالبعث والنشور. (٣)
[٥١] (وَلَوْ شِئْنا لَبَعَثْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيراً (٥١))
(نَذِيراً) ؛ أي : نبيّا ينذر أهلها فيخفّ عليك أعباء النبوّة ، لكن قصرنا الأمر إليك إجلالا وتفضيلا لك على سائر الرسل. فقابل ذلك بالثبات والاجتهاد في إظهار الحقّ. (٤)
[٥٢] (فَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَجاهِدْهُمْ بِهِ جِهاداً كَبِيراً (٥٢))
(فَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ) فيما يدعونك إليه من المداهنة. (وَجاهِدْهُمْ بِهِ) ؛ أي : بالقرآن. أو : بترك طاعتهم المدلول عليه بقوله : (فَلا تُطِعِ). والمعنى أنّهم يجتهدون في إبطال حقّك ،
__________________
(١) تفسير البيضاويّ ٢ / ١٤٤ ، ومجمع البيان ٧ / ٢٧٠.
(٢) كذا. وفي المصدر (البيضاويّ): (أو في الأنهار والمنافع». والظاهر أنّ الصحيح : المناقع ـ بالقاف.
(٣) تفسير البيضاويّ ٢ / ١٤٤ ، ومجمع البيان ٧ / ٢٧١.
(٤) تفسير البيضاويّ ٢ / ١٤٤.