(إِنَّ فِي ذلِكَ) التقليب ، لو فيما تقدّم ذكره (لَعِبْرَةً) ؛ أي : دلالة على وجود الصانع القديم وإحاطة علمه ونفاذ مشيّته. (١)
[٤٥] (وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللهُ ما يَشاءُ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٤٥))
(خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ) ؛ أي : حيوان يدبّ على الأرض. حمزة والكسائيّ : «خالق» (مِنْ ماءٍ) هو جزء مادّته أو ماء مخصوص هو النطفة ، فيكون تنزيلا للغالب منزلة الكلّ ؛ إذ من الحيوانات ما يتولّد لا عن نطفة. وقيل : إنّ أصل الخلق من الماء. لأنّ الله خلق الماء وجعل بعضه نارا فخلق الجنّ منها ، وبعضه ريحا فخلق منه الملائكة ، وبعضه طينا فخلق منه آدم. فأصل الحيوان كلّه الماء. كما قال : (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ). (٢)(عَلى بَطْنِهِ) كالحيّة والحوت. (عَلى أَرْبَعٍ) كالأنعام. ولم يذكر ما يمشي على أكثر من الأربع ، لأنّه كالذي يمشي على أربع في رأي العين فترك ذكره. قال البلخيّ : إنّ الفلاسفة تقول : ما له قوائم كثيرة ، فإنّ اعتماده إذا سعى على أربعة قوائم. وقال أبو جعفر عليهالسلام : ومنهم من يمشي على أكثر من ذلك. (يَخْلُقُ اللهُ ما يَشاءُ) ؛ أي : يخترع ما يشاء وينشئه من الحيوان ونحوه. (٣)
[٤٦] (لَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ مُبَيِّناتٍ وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٤٦))
[٤٧] (وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (٤٧))
(وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللهِ) ـ الآية. عن ابن عبّاس قال : لمّا قدم النبيّ صلىاللهعليهوآله المدينة ، أعطى عليّا عليهالسلام وعثمان أرضا فقال : أعلاها لعثمان ، وأسفلها لعليّ عليهالسلام. فقال عليّ عليهالسلام لعثمان : إنّ
__________________
(١) تفسير البيضاويّ ٢ / ١٢٨ ، ومجمع البيان ٧ / ٢٣٣.
(٢) الأنبياء (٢١) / ٣٠.
(٣) تفسير البيضاويّ ٢ / ١٢٨ ، ومجمع البيان ٧ / ٢٣٣ ـ ٢٣٤.