ويقولون رزقنا ذلك بشفاعة آلهتنا فيشركونهم معه فيها. وقيل : معناه : يعرفون محمّدا وهو من نعم الله ، ثمّ يكذّبونه ويجحدونه. (وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ). إنّما قال : (أَكْثَرُهُمُ) لأنّ منهم من لم تقم الحجّة عليه إذ لم يبلغ حدّ التكليف لصغره ، أو [كان] ناقص العقل ، أو لم تبلغه الدعوة ، فلا يقع عليه اسم الكفر. وقيل : إنّما ذكر الأكثر لأنّه علم سبحانه أنّ فيهم من يؤمن. (١)
(ثُمَّ). معنى ثمّ الدلالة على أنّ إنكارهم أمر مستبعد بعد حصول المعرفة. (٢)
[٨٤] (وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً ثُمَّ لا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (٨٤))
(وَيَوْمَ) ؛ أي : اذكر يوم. يعني يوم القيامة. بيّن سبحانه أنّه يبعث من كلّ أمّة شهيدا وهم الأنبياء والعدول من كلّ عصر يشهدون على الناس بأعمالهم. وقال الصادق عليهالسلام : لكلّ زمان وأمّة إمام ، تبعث كلّ أمة مع إمامها. وفائدة بعث الشهداء مع علمه سبحانه بذلك أنّ ذلك أهول في النفس وأعظم في تصوّر الحال إذا قامت الشهادة بحضرة الملأ مع جلالة الشهود وعدالتهم. [ولأنّهم] إذا علموا أنّ العدول عند الله يشهدون عليهم بين الخلائق ، فإنّ ذلك يكون زاجرا لهم عن المعاصي. (ثُمَّ لا يُؤْذَنُ) في الكلام والاعتذار. أو : لا يؤذن لهم في الرجوع إلى الدنيا. أو : لا يسمع منهم العذر. (يُسْتَعْتَبُونَ) ؛ أي : لا يسترضون ولا يستصلحون كما كان يفعل بهم في دار الدنيا. لأنّ الآخرة ليست بدار تكليف. ومعناه : لا يسألون أن يرضوا الله بالكفّ عن معصية يرتكبونها. (٣)
(شَهِيداً). عن أبي جعفر عليهالسلام : نحن الشهود على هذه الأمّة. (٤)
(ثُمَّ لا يُؤْذَنُ). وهو أسوأ من الشهادة عليهم. وهو معنى ثمّ. (وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ) ؛ أي :
__________________
(١) مجمع البيان ٦ / ٥٨٣.
(٢) الكشّاف ٢ / ٦٢٦.
(٣) مجمع البيان ٦ / ٥٨٣ ـ ٥٨٤.
(٤) مناقب آل أبي طالب ٤ / ١٧٩.