في الجنّة. (١)
[٢٧] (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (٢٧))
(تَسْتَأْنِسُوا) ؛ أي : تستأذنوا. قال ابن عبّاس : أخطأ الكاتب فيه. وكان يقرأ :
تستأذنوا» وقيل : تستأنسوا بالتنحنح والكلام الذي يقوم مقام الاستئذان. وقد بيّن الله ذلك في قوله : (وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا). (٢) عن أبي أيّوب الأنصاريّ قال : قلنا : يا رسول الله صلىاللهعليهوآله ما الاستئناس؟ قال : يتكلّم الرجل بالتسبيحة والتحميدة والتكبيرة ويتنحنح على أهل البيت. وروي أنّ رجلا قال للنبيّ صلىاللهعليهوآله : أستأذن على أمّي؟ فقال : نعم. قال : إنّها ليس لها خادم غيرى. فأستأذن عليه كلّما دخلت؟ قال : أتحبّ أن تراها عريانة؟ قال الرجل : لا. قال : فاستأذن عليها. (وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها). قيل : إنّ فيها تقديما وتأخيرا. أي : حتّى تسلّموا على أهلها وتستأذنوا. وقيل : معنى تستأنسوا تسلّموا. فقد روي أنّ رجلا استأذن على رسول الله صلىاللهعليهوآله فتنحنح ، فقال صلىاللهعليهوآله لامرأة يقال لها روضة : قومي إلى هذا فعلّميه وقولي له : قل : السّلام عليكم. أأدخل؟ فسمعها الرجل فقالها. فقال : ادخل. (ذلِكُمْ) ؛ أي : الدخول بالاستئذان. (تَذَكَّرُونَ) أوامر الله ونواهيه فتتّبعونها. (٣)
(تَسْتَأْنِسُوا). إمّا من الاستئناس الذي هو خلاف الاستيحاش. لأنّ الذي يطرق باب غيره لا يدري أيؤذن له أم لا ، فهو كالمستوحش من خفاء الحال عليه ، فإذا أذن له ، استأنس. فالمعنى : حتّى يؤذن لكم. أو يكون من الاستئناس الذي هو الاستعلام من آنس الشيء إذا أبصره ظاهرا مكشوفا. أي : حتّى تستكشفوا الحال هل يراد دخولكم أم لا. ويجوز أن يكون من الإنس ، وهو أن يتعرّف هل ثمّ إنسان. (ذلِكُمْ) ؛ أي : الاستئذان والتسليم (خَيْرٌ لَكُمْ) من تحيّة الجاهليّة ومن الدخول بغير إذن. وكان أهل الجاهليّة إذا
__________________
(١) مجمع البيان ٧ / ٢١٢ ـ ٢١٣.
(٢) النور (٢٤) / ٥٩.
(٣) مجمع البيان ٧ / ٢١٣.