معناه : وقدّرنا فيها الحدود. على قراءة التشديد (١) معناه : فصّلناها وبيّنّا فيها فرائض مختلفة. (آياتٍ بَيِّناتٍ) ؛ أي : دلالات واضحات على وحدانيّتنا وكمال قدرتنا. وقيل : أراد بها الحدود والأحكام التي شرع فيها. (لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) ؛ أي : لكي تتذكّروا فتعملوا بما فيها. (٢)
[٢] (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢))
ثمّ ذكر سبحانه تلك الآيات فقال : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي) ؛ أي : من زنى من الرجال ومن زنت من النساء. (مِائَةَ جَلْدَةٍ). يعني إذا كانا حرّين بالغين بكرين غير محصنين. ولو كان أحدهما محصنا ، كان عليه الرجم بلا خلاف. والإحصان هو أن يكون له فرج يغدو إليه ويروح على وجه الدوام ويكون حرّا. وأمّا العبد ، فلا يكون محصنا ، وكذلك الأمة ، وإنّما عليهما نصف الحدّ خمسون جلدة. (فَاجْلِدُوا). خطاب للأئمّة : أو من كان منسوبا من جهتهم. لأنّه ليس لأحد أن يقيم الحدود إلّا الأئمّة عليهمالسلام وولاتهم بلا خلاف. (رَأْفَةٌ) ؛ أي : رحمة تمنعكم من إقامة الحدود عليهما فتعطّلوا الحدود. وقيل : رأفة تمنع من الجلد الشديد ، بل أوجعوهما ضربا ولا تخفّفوا كما يخفّف في حدّ الشارب. (فِي دِينِ اللهِ) ؛ أي : طاعته وحكمه. (وَلْيَشْهَدْ) ؛ أي : وليحضر حال إقامة الحدّ عليهما زيادة في التنكيل. فإنّ التفضيح قد ينكّل أكثر ممّا ينكّل التعذيب. والطائفة جماعة من المؤمنين ثلاثة فصاعدا. وقيل : أقلّه رجل واحد. وهو المرويّ عن أبي جعفر عليهالسلام. ويدلّ عليه : (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا). (٣) وهذا الحكم يثبت للواحد كما يثبت للجمع. (٤)
__________________
(١) مجمع البيان ٧ / ١٩٦ ـ ١٩٧.
(٢) مجمع البيان ٧ / ١٩٦ ـ ١٩٧.
(٣) الحجرات (٤٩) / ٩.
(٤) مجمع البيان ٧ / ١٩٦ ، وتفسير البيضاويّ ٢ / ١١٥ ـ ١١٦.