(وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا) ؛ أي : بذلوا الجهد في إبطال آياتنا. (مُعاجِزِينَ) ؛ أي : مغالبين. وقيل : مقدّرين أنّهم يسبقوننا. وقيل : ظانّين أن يعجزوا الله أي يفوتونه. ومن قرأ : «معجزين» فمعناه : مثبّطين لمن أراد اتّباع النبيّ صلىاللهعليهوآله. (١)
(مُعاجِزِينَ). قرأابن كثير وأبو عمرو : «معجزين» بالتشديد. (٢)
[٥٢] (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلاَّ إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ آياتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٥٢))
(وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ) ـ الآية. قال عامّة المفسّرين في سبب نزول الآية : إنّه صلىاللهعليهوآله لمّا شقّ عليه إعراض قومه عنه ، تمنّى في نفسه أن لا ينزل عليه شيء ينفرهم عنه لحرصه على إيمانهم. وكان ذات يوم جالسا في ناد من أنديتهم ونزل عليه سورة والنجم إذا هوى ، فقرأها عليهم حتّى بلغ : (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى* وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى) وكان ذلك التمنّى في نفسه. فجرى على لسانه : تلك الغرانيق العلى منها الشفاعة ترتجى. فلمّا سمعت قريش ذلك ، فرحوا. ومضى رسول الله في قراءته حتّى ختم السورة. فلمّا سجد في آخرها ، سجد معه المسلمون والمشركون. فتفرّقت قريش مسرورين وقالوا : قد ذكر محمّد آلهتنا بأحسن الذكر. فأتاه جبرئيل وقال : ما صنعت؟ تلوت على الناس ما لم آتك به عن الله! فحزن رسول الله وخاف خوفا شديدا ، فأنزل الله هذه الآية. واعترض على هذه الرواية المحقّقون بالقرآن والسنّة والمعقول. لقوله : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى). (٣) وسئل محمّد بن إسحاق [بن خزيمة] عن هذه القصّة فقال : وضعها الزنادقة. وهو صلىاللهعليهوآله إنّما بعث لنفي الأوثان ، فكيف يثبتها؟ (٤) كذا قال الفاضل النيشابوريّ مع كلام طويل بعده.
وقال المرتضى : لا يخلو التمنّي في الآية من أن يكون معناه التلاوة ـ قال حسّان بن ثابت :
__________________
(١) مجمع البيان ٧ / ١٤٣.
(٢) مجمع البيان ٧ / ١٤٣.
(٣) النجم (٥٣) / ٣.
(٤) تفسير النيسابوريّ ١٧ / ١٠٤ ـ ١٠٥.