جعلنا له من العلامة. وذلك أنّ الله لمّا أمره ببناء الكعبة ، لم يدر أين يبني ، فبعث الله ريحا يقال لها الحجوج (١) فكنست ما حول الكعبة عن الأساس الأوّل الذي كان البيت عليه قبل أيّام الطوفان. وقيل : المعنى : جعلنا البيت مثواه ومسكنه. ألا تشرك بي شيئا أي : أوحينا إليه ألّا تعبد غيري. كأنّه قال : وحّدني في هذا البيت. لأنّ معنى لا تشرك بي وحّدني. (وَطَهِّرْ بَيْتِيَ) من الشرك وعبادة الأوثان. والمراد بالقائمين المقيمين بمكّة. وقيل : القائمين في الصلاة. (٢)
[٢٧] (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (٢٧))
(وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ) : وأعلمهم بوجوب الحجّ. وهو خطاب لإبراهيم ، فإنّه قام في المقام فنادى : يا أيّها الناس ، إنّ الله دعاكم إلى الحجّ. فأجابوا : لبّيك اللهمّ لبّيك. فأسمع الله صوت إبراهيم كلّ من سبق في علم الله أنّه يحجّ إلى يوم القيامة. وأوّل ما أجابه أهل اليمن. وقيل : المخاطب به محمّد صلىاللهعليهوآله. فأذّن في حجّة الوداع ؛ أي : أعلمهم بوجوب الحجّ. (يَأْتُوكَ رِجالاً) ؛ أي : مشاة على أرجلهم. (كُلِّ ضامِرٍ) ؛ أي : ركبانا على الإبل. ولا يدخل بعير ولا غيره الحرم إلّا وقد هزل. (فَجٍّ عَمِيقٍ) ؛ أي : طريق بعيد. عن ابن عبّاس : (رِجالاً) بالتشديد والضمّ. وهو المرويّ عن أبي عبد الله عليهالسلام. (٣)
(ضامِرٍ). [الضامر] : البعير المهزول.
[٢٨] (لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ (٢٨))
(مَنافِعَ) : تجارات الدنيا وثواب الآخرة. وقيل : منافع الآخرة. وهو المرويّ عن
__________________
(١) المصدر : فبعث الله ريحا خجوجا.
(٢) مجمع البيان ٧ / ١٢٨.
(٣) مجمع البيان ٧ / ١٢٨ ـ ١٢٩ و ١٢٦.