[١٢٤ ـ ١٢٥]
(وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى (١٢٤) قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً (١٢٥))
(وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي). يعني به ولاية أمير المؤمنين عليهالسلام. (وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى) البصيرة والقلب في الدنيا. (١)
عن أبي عبد الله عليهالسلام : (فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً) : هذه الآية ـ والله ـ للنصّاب. قال الراوي ـ ابن عمّار ـ : جعلت فداك ؛ قد رأيناهم دهرهم الأطول في الرخاء حتّى ماتوا! قال : ذاك ـ والله ـ في الرجعة ؛ يأكلون العذرة. (٢)
(عَنْ ذِكْرِي) ؛ أي : عن القرآن والدلائل التي أنزلها الله فيه. (مَعِيشَةً ضَنْكاً) ؛ أي : عيشا ضيّقا وهو أن يقتّر عليه الرزق عقوبة له على إعراضه. فإن وسّع عليه ، فإنّه يضيّق عليه المعيشة بأن يمسكه ولا ينفقه على نفسه ؛ وإن أنفقه ، فإنّ الحرص على الجمع وزيادة الطلب يضيّق المعيشة عليه. وقيل : هو عذاب القبر. وقيل : طعام الزقّوم والضريع في جهنّم وإن كان في سعة الدنيا. وقيل : معناه أن يكون عيشه منغّصا بأن ينفق إنفاق من لا يوقن بالخلف. وقيل : هو الحرام في الدنيا الذي يؤدّي إلى النار. وضنكا مصدر وصف به ولذلك يستوي فيه المذكّر والمؤنّث. وقرئ : «ضنكى» كسكرى. (أَعْمى) ؛ أي : أعمى البصر. عن ابن عبّاس. وقيل : أعمى عن الحجّة لا يهتدي إليها. والأوّل هو الوجه ؛ لقوله : (لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى). قيل : إنّه يخرج من قبره بصيرا فيعمى في حشره. وعن معاوية بن عمّار قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل لم يحجّ وله مال. قال : هو ممّن قال الله : (وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى). قلت : سبحان الله! أعمى؟ قال : أعماه الله عن طريق الحقّ. وهو يدلّ على أنّ المراد أنّه أعمى عن جهات الخير. (٣)
__________________
(١) تأويل الآيات ١ / ٣٢١ ، ح ٢٠. عن أبي عبد الله عليهالسلام. وفيه : قال : أعمى البصر في الآخرة وأعمى القلب في الدنيا عن ولا ية أمير المؤمنين عليهالسلام.
(٢) تفسير القمّيّ ٢ / ٦٥.
(٣) مجمع البيان ٧ / ٥٦ ، وتفسير البيضاويّ ٢ / ٦١.