أمري. قالوا : أقررنا يا ربّنا وشهدنا. ولم يجحد آدم ولم يقرّ فثبتت العزيمة لهؤلاء الخمسة في المهديّ ولم يكن لآدم عزيمة على الإقرار. وهو قوله : (وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً). (١)
[١١٦] (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبى (١١٦))
عن الرضا عليهالسلام : انّ آدم لمّا أكرمه الله بإسجاد الملائكة. قال في نفسه : هل خلق الله بشرا أفضل منّي؟ فنودي : انظر إلى ساق العرش. فوجد مكتوبا عليه : (لا إله إلا الله. محمد رسول الله. علي بن أبي طالب أمير المؤمنين. وزوجته فاطمة سيدة نساء العالمين. والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة.) فقال آدم : يا ربّ من هؤلاء؟ قال عزوجل : هؤلاء من ذرّيّتك. وهم خير منك ومن جميع خلقي. فإيّاك أن تنظر اليهم بعين الحسد وتمنّى منزلتهم. فنظر وتمنّى ، فتسلّط الشيطان عليه حتّى أكل من الشجرة. وتسلّط على حوّاء لنظرها إلى فاطمة عليهاالسلام بعين الحسد حتّى أكلت من الشجرة فأهبطا إلى الأرض. (٢)
المراد من الحسد هنا الغبطة التي لا ينبغي لآدم عليهالسلام.
(أَبى). جملة مستأنفة لبيان ما منعه من السجود وهو الاستكبار. وعلى هذا لا يقدّر له مفعول مثل السجود المدلول عليه بقوله : (فَسَجَدُوا) لأنّ المعنى أظهر الإباء عن المطاوعة. (٣)
[١١٧] (فَقُلْنا يا آدَمُ إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى (١١٧))
(فَلا يُخْرِجَنَّكُما) ؛ أي : لا يكون السبب في إخراجكما. (فَتَشْقى) ؛ أي : فتقع في تعب العمل وكدّ الاكتساب والنفقة على زوجتك ونفسك. ولذلك قال : (فَتَشْقى) ولم يقل : فتشقيا. أو لأنّ شقاءه مستلزم لشقائها ، إذ هو القيّم عليها. (٤)
[١١٨] (إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى (١١٨))
__________________
(١) تأويل الآيات ١ / ٣١٩ ـ ٣٢٠ ، ح ١٨.
(٢) معاني الأخبار / ١٢٤.
(٣) تفسير البيضاويّ ٢ / ٥٩ ـ ٦٠.
(٤) تفسير البيضاويّ ٢ / ٦٠ ، ومجمع البيان ٧ / ٥٤.