الإيمان. ألا تسمع يقول الله : (حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ)(١) فلم يقبل الله إيمانه. (٢)
[٤٥] (قالا رَبَّنا إِنَّنا نَخافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا أَوْ أَنْ يَطْغى (٤٥))
(يَفْرُطَ عَلَيْنا) ؛ أي : يعجل علينا بالعقوبة من جبروته واستكباره. (أَوْ أَنْ يَطْغى) بالتخطّي إلى أن يقول فيك ما لا ينبغي لقسوة قلبه. (٣)
[٤٦] (قالَ لا تَخافا إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى (٤٦))
(إِنَّنِي مَعَكُما) بالنصرة والحفظ. (أَسْمَعُ) ما يسألكم فألهمكم جوابه. (وَأَرى) ما يقصد كما به فأدفعه عنكما. (٤)
[٤٧ ـ ٤٨] (فَأْتِياهُ فَقُولا إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ وَلا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْناكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى (٤٧) إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنا أَنَّ الْعَذابَ عَلى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (٤٨))
ثم فسّر سبحانه ما أجمله فقال : (فَأْتِياهُ). (فَأَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ) ؛ أي : أطلقهم. (وَلا تُعَذِّبْهُمْ) بالتكاليف الصعبة وقتل الولدان. فإنّهم كانوا في أيدي القبطة يستخدمونهم ويقتلون أولادهم في عام دون عام. وتعقيب الإتيان بذلك دليل على أنّ تخليص المؤمنين من الكفرة أهمّ من دعوتهم إلى الإيمان. ويجوز أن يكون للتدريج في الدعوة. (بِآيَةٍ) ؛ أي : بدلالة واضحة ومعجزة من ربّك تشهد لنا بالنبوّة. (وَالسَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ). قال الزّجاج : لم يرد هنا بالسلام التحيّة. وإنّما معناه أنّ من اتّبع الهدى ، سلم من عذاب الله. ويدلّ عليه قوله بعده : (إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنا أَنَّ الْعَذابَ عَلى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى) ؛ أي : إنّما يعذّب الله من
__________________
(١) يونس (١٠) / ٩٠.
(٢) معاني الأخبار / ٣٨٥.
(٣) تفسير البيضاويّ ٢ / ٤٨ ، والكشّاف ٣ / ٦٦.
(٤) مجمع البيان ٧ / ٢٢.