أوجه. أحدها : انّ المعنى : وقضى أنّ الله ربّي وربّكم. الثاني : العطف على كلام عيسى. أي : وأوصاني بأنّ الله ربّي وربّكم. الثالث : ذلك عيسى بن مريم ، وذلك أنّ الله ربّي وربّكم. والرابع : انّ العامل فيه (فَاعْبُدُوهُ). أي : ولأنّ الله ربّي وربّكم فاعبدوه. فحذف الجارّ. ومن كسر الهمزة ، جاز أن يكون معطوفا على قوله : (قالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ). [أي :] وقال : إنّ الله ربّي وربّكم. وجاز أن يكون [ابتداء] كلام من الله وأمر منه لرسوله أن يقول ذلك. (هذا صِراطٌ) ؛ أي : طريق واضح فالزموه. (١)
[٣٧] (فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ (٣٧))
(الْأَحْزابُ) ؛ أي : اختلف أهل الكتاب في عيسى. فقال اليعقوبيّة من النصارى : هو الله.
وقال النسطوريّة منهم : هو ابن الله. والإسرائيليّة منهم : ثالث ثلاثة. والمسلمون : هو عبد الله. وإنّما قال : (مِنْ بَيْنِهِمْ) لأنّ منهم من ثبت على الحقّ وهم الملكانيّة. وقيل : من زائدة. (فَوَيْلٌ) ؛ أي : شدّة عذاب. وهي كلمة وعيد. (لِلَّذِينَ كَفَرُوا) بالله بقولهم في المسيح. (مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ). يعني الشهود والحضور. أي : من حضورهم ذلك اليوم. وهو يوم القيامة. (٢)
[٣٨] (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا لكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٣٨))
(أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ) ؛ أي : ما أسمعهم وأبصرهم يوم القيامة ، لقوّة علومهم بالله في ذلك اليوم. كما قال : (فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ). (٣) لكنّهم في الدنيا صمّ وبكم عن الحقّ. فهم في الدنيا جاهلون وفي الآخرة عارفون. فيكون الجارّ والمجرور في موضع رفع فاعل أسمع وأبصر. وقيل : أمر أن يسمعهم ويبصرهم مواعيد ذلك اليوم وما يحيق بهم ، فيكون الجارّ والمجرور في محلّ النصب. (لكِنِ الظَّالِمُونَ). أوقع الظالمين موقع الضمير إشعارا بأنّهم ظلموا أنفسهم حيث أغفلوا الاستماع والنظر حين ينفعهم وسجّل على إغفالهم بأنّه
__________________
(١) مجمع البيان ٦ / ٧٩٤.
(٢) مجمع البيان ٦ / ٧٩٤ ـ ٧٩٥.
(٣) ق (٥٠) / ٢٢.