(لِغُلامَيْنِ). اسمهما أصرم وصريم. (١)
(فِي الْمَدِينَةِ). يعني القرية التي استطعما أهلها. (كَنْزٌ لَهُما). اختلف في الكنز. فقيل : كانت صحف مدفونة تحته. عن ابن عبّاس : ما كان إلّا علما. وقيل : كنزا من الذهب والفضّة. ورواه أبو الدرداء عن النبيّ صلىاللهعليهوآله. وقيل : كان لوحا من ذهب وفيه مكتوب : عجبا لمن رأى الدنيا وتقلّبها بأهلها ، كيف يطمئنّ إليها! لا إله إلّا الله. محمّد رسول الله. وروي ذلك عن أبي عبد الله عليهالسلام. وهذا القول يجمع بين القولين الأوّلين لأنّه يتضمّن أنّه كان كنز مال وعلم. (وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً). بيّن سبحانه أنّه حفظ الغلامين بصلاح أبويهما. وعن أبي عبد الله عليهالسلام : كان بينهما وبين ذلك الأب الصالح سبعة آباء. وقال عليهالسلام : إنّ الله يصلح بصلاح الرجل المؤمن من ولده وولد ولده وأهل دويرته ودويرات حوله. فلا يزالون في حفظ الله لكرامته على الله. (يَبْلُغا أَشُدَّهُما) ؛ أي : يعقلا ويكبرا. (وَيَسْتَخْرِجا كَنزَهُما رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ) ؛ أي : كلّ ما فعلته رحمة من الله للمساكين وأبوي الغلام واليتيمين. وما فعلت ذلك من قبل نفسي وإنّما فعلته من قبل الله. (٢)
عن أبي عبد الله عليهالسلام : لم يكن هذا الإخبار من الخضر لموسى لأنّه أكرم من موسى بل هو أفضل من الخضر وإنّما كان لاستحقاق موسى للتبيين. (٣)
أقول : حاصله : انّ موسى كان عنده من العلوم ما لا يعرفها الخضر ولا استحقّ بيانها. وأمّا ما كان عند الخضر ، فاستحقّ موسى معرفتها. فموسى أفضل.
(رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ) ؛ أي : مرحومين من ربّك. ويجوز أن يكون علّة أو مصدرا لأراد. فإنّ إرادة الخير رحمة. وقيل : متعلّق بمحذوف. أي : فعلت ما فعلت رحمة من ربّك. وإسناد الإرادة أوّلا إلى نفسه لأنّه المباشر للتعييب ، وثانيا إلى الله وإلى نفسه لأنّ التبديل بإهلاك الغلام وإيجاد الله بدله ، وثالثا إلى الله وحده لأنّه لا مدخل له في بلوغ الغلامين. أو لأنّ
__________________
(١) تفسير البيضاويّ ٢ / ٢٠.
(٢) مجمع البيان ٦ / ٧٥٣ ـ ٧٥٤.
(٣) علل الشرائع / ٧٨ ، ح ١.