يكون معناه : انّا لا نرسل الآيات لعلمنا بأنّهم لا يؤمنون فيكون إنزالنا إيّاها عبثا. كما أنّ من كان قبلهم لم يؤمنوا عند إنزال الآيات. (١)(مُبْصِرَةً) ؛ أي : دلالة واضحة. أو تبصّرهم وتبيّن لهم حتّى يبصروا بها الهدى من الضلالة. (فَظَلَمُوا بِها) : فكفروا بتلك الآية. أو : ظلموا أنفسهم بسببها وبعقرها. (٢)
(بِالْآياتِ). إن أراد بها الآيات المقترحة ، فالمعنى : لا نرسلها إلّا تخويفا من نزول العذاب العاجل كالمقدّمة له ، فإن لم يخافوا وقع عليهم. وإن أراد غيرها ، فالمعنى : لا نرسل من الآيات كآيات القرآن وغيرها إلّا تخويفا وإنذارا بعذاب الآخرة. (٣)
[٦٠] (وَإِذْ قُلْنا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنَّاسِ وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَما يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْياناً كَبِيراً (٦٠))
(وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ). الذي ورد في واضحات الأخبار عن السادة الأطهار ـ عليهم صلوات الملك الجبّار ـ أنّه صلىاللهعليهوآله رأى في منامه التيميّ والعدويّ والأمويّ وآل مروان يصعدون على منبره ويردّون الناس عن الدين ، وأنّ الشجرة الملعونة في القرآن هم بنو أميّة. (٤) ولعلّ لعنها في القرآن كان صريحا فحذفوه كما حذفوا غيره.
(وَإِذْ قُلْنا لَكَ) ؛ أي : واذكر إذ أوحينا إليك أنّ ربّك أحاط بقريش ؛ يعني : بشّرناك بوقعة بدر وبالنصرة عليهم. وذلك قوله : (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ)(٥)(قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ). (٦) فجعله كأن قد وجد فقال : (أَحاطَ بِالنَّاسِ). ولمّا تزاحف الفريقان يوم بدر ، كان يدعو : اللهمّ إنّي أسألك عهدك ووعدك. وقد أراه الله (٧) مصارعهم
__________________
(١) يوجد هنا هذه الزيادة في النسخة : (إلى ما لا يصح معرفة النبوة إلا به ، وما يكون لطفا في الإيمان ، فهذا لا بد من إظهاره وإن لم يقع عنده الإيمان. ولا يخفى ما فيها من النقص. انظر : المجمع ٦ / ٦٥٣.
(٢) مجمع البيان ٦ / ٦٥٣.
(٣) الكشّاف ٢ / ٦٧٤.
(٤) تفسير العيّاشيّ ٢ / ٢٩٧ ، ح ٩٣ و ٩٤ و ٩٥ وص ٢٩٨ ، ح ٩٦ و ٩٧ و ٩٨ و ٩٩ و ١٠٠ و ١٠١ ، والاحتجاج ٢ / ٢٧٩ و ٢٥٢ ، وتفسير القمّيّ ٢ / ٢١.
(٥) القمر (٥٤) / ٤٥.
(٦) آل عمران (٣) / ١٢.
(٧) المصدر : ولعلّ الله تعالى أراه.