عامِلٌ) ما كنت عليه من المصابرة والثبات على الإسلام. (مَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ). إن جعل من استفهاميّة ، بمعنى : أيّنا تكون له العاقبة الحسنى التي خلق الله لها هذه الدار ، فمحلّها الرفع وفعل العلم معلّق عنه. وإن جعلت خبريّة ، فالنصب بتعلمون. أي : فسوف تعرفون الذي يكون له العاقبة. وفيه مع الإنذار إنصاف في المقال. (١) وهو أنّه لم يصرّح بسوء عاقبتهم ، بل سوّى نفسه معهم في عدم العلم بالحال.
(مَكانَتِكُمْ). أبو بكر عن عاصم : مكاناتكم على الجمع. (تَكُونُ). حمزة والكسائيّ بالياء. (٢)
«تكون» حجّة من قرأ بالياء لأنّ تأنيث العاقبة غير حقيقيّ. (٣)
[١٣٦] (وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعامِ نَصِيباً فَقالُوا هذا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهذا لِشُرَكائِنا فَما كانَ لِشُرَكائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللهِ وَما كانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلى شُرَكائِهِمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ)
(وَجَعَلُوا). أي مشركوا العرب. (٤)
(وَجَعَلُوا لِلَّهِ). يعني كفّار مكّة ومن تقدّمهم من المشركين. والجعل هنا بمعنى الوصف والحكم. (مِنَ الْحَرْثِ) ؛ أي : ممّا خلق من الزرع (وَالْأَنْعامِ نَصِيباً) ؛ أي : حظّا. وهنا حذف يدلّ الكلام عليه ؛ وهو : وجعلوا للأوثان منه نصيبا. لأنّهم جعلوا لها نصيبا (فَقالُوا هذا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهذا لِشُرَكائِنا). يعني الأوثان. وإنّما جعلوا الأوثان شركاء لأنّهم جعلوا لها نصيبا من أموالهم ينفقونه عليها فشاركوها في نعمهم. (فَما كانَ لِشُرَكائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللهِ). لأنّهم كانوا يزرعون لله زرعا وللأصنام زرعا ، فكان إذا زكا الزرع الذي زرعوه لله ولم يزك الزرع الذي زرعوه للأصنام ، جعلوا بعضه للأصنام وصرفوه إليها ويقولون : إنّ الله غنيّ والأصنام أحوج. وإن زكا الذرع الذي جعلوه للأصنام ولم يزك الذي جعلوه لله ، لم يجعلوا منه شيئا لله
__________________
(١) تفسير البيضاويّ ١ / ٣٢٢.
(٢) مجمع البيان ٤ / ٥٦٨.
(٣) تفسير البيضاويّ ١ / ٣٢٢.
(٤) تفسير البيضاويّ ١ / ٣٢٢.