الجواب قالوا : (شَهِدْنا). ذمّ لهم على سوء نظرهم. فإنّهم اغترّوا بالحياة الدنيا وأعرضوا عن الآخرة حتّى كان عاقبة أمرهم أن اضطرّوا إلى الشهادة على أنفسهم بالكفر والاستسلام للعذاب المخلّد تحذيرا للسامعين من مثل حالهم. (أَنْفُسِنا) بالجرم والعصيان. وهو اعتراف منهم بالكفر واستيجاب العذاب. (١)
(أَلَمْ يَأْتِكُمْ). فيما جاء عن الرضا عليهالسلام من خبر الشاميّ وما سأل عنه أمير المؤمنين في جامع الكوفة حديث طويل وفيه : وسأله : هل بعث الله نبيّا إلى الجنّ؟ فقال : نعم ، بعث إليهم نبيّا يقال له يوسف ، فدعاهم إلى الله ، فقتلوه. (٢)
(شَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ). فإن قلت : ما لهم مقرّين في هذه الآية جاحدين في قوله : (وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ)(٣)؟ قلت : يتفاوت الأحوال والمواطن في ذلك اليوم المتطاول فيقرّون في بعضها ويجحدون في البعض. أو أريد شهادة أيديهم وأرجلهم وجلودهم حين يختم على أفواههم. وإنّما كرّر شهادتهم على أنفسهم لأنّ الأولى حكاية لقولهم كيف يقولون والثانية ذمّ لهم ووصف لقلّة نظرهم لأنفسهم. (٤)
[١٣١] (ذلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها غافِلُونَ)
(ذلِكَ). إشارة إلى إرسال الرسل. وهو خبر مبتدأ محذوف. أي : الأمر ذلك. (أَنْ لَمْ يَكُنْ). تعليل للحكم. وأن مصدريّة أو مخفّفة من المثقّلة. أي : الأمر ذلك لانتفاء كون ربّك ـ أو لأنّ الشأن لم يكن ربّك ـ مهلك القرى بسبب ظلم فعلوه ، أو ملتبسين بظلم ، أو ظالما ، وهم غافلون لم يتنبّهوا برسول. أو بدل من ذلك. (٥)
[١٣٢] (وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ)
__________________
(١) تفسير البيضاويّ ١ / ٣٢١.
(٢) عيون الأخبار ١ / ٢٤٢.
(٣) الأنعام (٦) / ٢٣.
(٤) الكشّاف ٢ / ٦٦.
(٥) تفسير البيضاويّ ١ / ٣٢١.