(فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ). فيه دليل على أنّ العبد هو الذي يختار السعادة أو الشقاوة وليس من الله إلّا التمكين ولا من الشيطان إلّا التزيين. ولو كان كما زعم المجبّرة لقال : فلا تلوموني ولا أنفسكم. فإنّ الله قضى عليكم [الكفر] وأجبركم عليه. (ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ) : لا ينجي بعضنا بعضا من عذاب الله ولا يغيثه. والإصراخ : الإغاثة. (بِما أَشْرَكْتُمُونِ). ما مصدريّة. و (مِنْ قَبْلُ) متعلّق بما أشركتمون. يعني : كفرت اليوم بإشراككم إيّاي من قبل هذا اليوم ، أي في الدنيا. ومعنى كفره بإشراكهم إيّاه ، تبرّؤه منه واستنكاره له. كقوله : (إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ كَفَرْنا بِكُمْ».)(١)
وقيل : يتعلّق بقوله : (كَفَرْتُ) وما موصولة. أي : كفرت من حين أبيت السجود لآدم بالّذي أشركتمونيه وهو الله عزوجل. ومعنى إشراكهم الشيطان بالله ، طاعتهم له فيما كان يزيّنه لهم من عبادة الأوثان وغيرها. (إِنَّ الظَّالِمِينَ). هذا من قول الله. ويحتمل أن يكون من قول إبليس وحكاه الله في ذلك الوقت ليكون لطفا للسامعين في النظر لعاقبتهم. (٢)
(بِمُصْرِخِيَّ). حمزة بكسر الياء على الأصل في التقاء الساكنين. وهو أصل مرفوض في مثله لما فيه من اجتماع ياءين وثلاث كسرات. (٣)
[٢٣] (وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ)
(بِإِذْنِ رَبِّهِمْ). متعلّق بأدخل. أي : أدخلتهم الملائكة الجنّة بإذن ربّهم وأمره. (٤)
(تَحِيَّتُهُمْ) ؛ أي : تحيّيهم الملائكة بالسلام بإذن ربّهم. (٥)
[٢٤] (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها
__________________
(١) الممتحنة (٦٠) / ٤.
(٢) الكشّاف ٢ / ٥٥٢.
(٣) تفسير البيضاويّ ١ / ٥١٧.
(٤) الكشّاف ٢ / ٥٥٢.
(٥) تفسير البيضاويّ ١ / ٥١٧.