داخلة في حكم الإنكار. (١)
[١٧] (أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ)
(أَوْدِيَةٌ) ؛ أي : أنهار. جمع واد ؛ وهو الموضع الذي يسيل فيه الماء بكثرة ، فاتّسع فيه واستعمل للماء الجاري فيه. وتنكيرها لأنّ المطر يأتي على تناوب بين البقاع. (بِقَدَرِها) ؛ أي :
بمقدارها الذي علم الله أنّه نافع غير ضارّ أو بمقدارها في الصغر والكبر. (فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً) ؛ أي : رفعه. (رابِياً) ؛ أي : عاليا. (وَمِمَّا). من للابتداء. (يُوقِدُونَ). حمزة والكسائيّ وحفص بالياء. والباقون بالتاء. (فَيَذْهَبُ جُفاءً) يجفأ به ؛ أي : يرمي به السيل. (فَيَمْكُثُ) للانتفاع به. (يَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ) لإيضاح المشتبهات. (٢)
(مِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ). عبارة جامعة لأنواع الفلزّ مع إظهار الكبرياء في ذكره على وجه التهاون كما هو عادة الملوك ؛ نحو ما جاء في ذكر الآجر : (فَأَوْقِدْ لِي يا هامانُ عَلَى الطِّينِ). (٣) الفائدة في قوله : (ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ) كالفائدة في قوله : (بِقَدَرِها). لأنّه جمع الماء والفلزّ في النفع في قوله : (وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ). (٤)
(فِي النَّارِ) قال جامع العلوم البصير : قوله : (فِي النَّارِ) متعلّق بمحذوف في موضع الحال من الضمير المجرور بقوله : (عَلَيْهِ). أي : ثابتا في النار مبتغين حلية. والمعنى أنّهم يوقدون على الذهب في حال كونه في النار. وقوله : (زَبَدٌ) مبتدأ و (مِثْلُهُ) نعت له. والظرف الذي هو (مِمَّا يُوقِدُونَ) خبره. ضرب سبحانه مثلين للحقّ والباطل : أحدهما الماء وما يعلوه من الزبد. والآخر ما يوقد عليه النار من الذهب والفضّة وغيرهما وما يعلوه من الزبد. فشبّه
__________________
(١) تفسير البيضاويّ ١ / ٥٠٤ ـ ٥٠٥.
(٢) تفسير البيضاويّ ١ / ٥٠٥.
(٣) القصص (٢٨) / ٣٨.
(٤) الكشّاف ٢ / ٥٢٣.