[١٠٩] (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلا تَعْقِلُونَ)
(نُوحِي). حفص عن عاصم بالنون. والباقون : «يوحى» بالياء. (وَلَدارُ الْآخِرَةِ). يقول : هذا صنيعنا بأهل الإيمان والطاعة في دار الدنيا إذ أهلكنا عدوّهم ونجّيناهم من شرّهم. ولدار الآخرة خير لهم من دار الدنيا ونعيمها. (١)
(أَفَلا تَعْقِلُونَ). نافع [وعاصم] وابن عامر بالتاء. والباقون بالياء. (٢)
(إِلَّا رِجالاً). ردّ لقولهم : (لَوْ شاءَ رَبُّنا لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً). (٣) وقيل : معناه نفي استنباء النساء. يوحى إليهم كما أوحي إليك وتميّزوا بذلك عن غيرهم. (الْقُرى). لأنّ أهلها أعلم وأحكم من أهل البدو. (مِنْ قَبْلِهِمْ) من المكذّبين بالرسل والآيات فيحذروا تكذيبك. أو من المشعوفين بالدنيا المتهالكين عليها فينقلعوا عن حبّها. (وَلَدارُ الْآخِرَةِ) : الحياة الآخرة. (خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا) الشرك والمعاصي. (أَفَلا يَعْقِلُونَ) ؛ أي : يستعملون عقولهم. (٤)
(أَفَلَمْ يَسِيرُوا). أي هؤلاء المشركون. (ع)
[١١٠] (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ)
(حَتَّى). غاية محذوف دلّ عليه الكلام. أي : لا يغررهم تمادي أيّامهم. فإنّ من قبلهم أمهلوا حتّى أيس الرسل من النصر عليهم في الدنيا ، أو عن إيمانهم لانهماكهم في الكفر مترفّهين متمادين فيه. (وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا) ؛ أي : كذبتهم أنفسهم حين حدّثتهم بأنّهم لا ينصرون. أو : كذبهم القوم بوعد الإيمان. وقيل : الضمير للمرسل إليهم. أي : وظنّ المرسل
__________________
(١) مجمع البيان ٥ / ٤١٢.
(٢) التيسير / ١٠٦.
(٣) فصّلت (٤١) / ١٤.
(٤) تفسير البيضاويّ ١ / ٤٩٨.