(لا تَثْرِيبَ) ؛ أي : لا عتب. واليوم إمّا متعلّق بتثريب أو بيغفر. والمعنى : لا أثرّبكم اليوم وهو اليوم الذي مظنّة التثريب. فما ظنّكم بغيره من الأيّام؟ ثمّ ابتدأ فقال : (يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ). ـ أو : (الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ) ـ بشارة بعاجل غفران الله لما تجدّد يومئذ من توبتهم. وروي أنّ إخوته لمّا عرفوه أرسلوا إليه أنّك تدعونا إلى طعامك بكرة وعشيّا ونحن نستحيي منك لما فرط منّا. فقال يوسف : إنّ أهل مصر ، وإن ملكت فيهم ، فإنّهم ينظرون إليّ بالعين الأوّل ويقولون : سبحان من بلغ عبدا بيع بعشرين درهما ما بلغ. ولقد شرّفت الآن بكم وعظّمت في العيون حيث علم الناس أنّكم إخوتي وأنّي من حفدة إبراهيم. (١)
(لا تَثْرِيبَ) : لا توبيخ ولا تقريع. (وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) في عفوه عنكم ، أو في صنيعه بي. (٢)
[٩٣] (اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ)
(اذْهَبُوا). قيل : يهوذا كان الحامل للقميص. قال : أنا أحزنته بحمل القميص ملطوخا بالدم. فأفرّحه كما أحزنته. وقيل : حمله وهو حاف حاسر من مصر إلى كنعان وبينهما مسيرة ثمانين فرسخا. (٣)
عن أبي عبد الله عليهالسلام : قال : إنّ إبراهيم عليهالسلام لمّا أوقدت النار ، نزل إليه جبرئيل بالقميص وألبسه إيّاه ، فلم يضرّ معه حرّ ولا برد. فلمّا حضرته الوفاة ، جعله في تميمة وعلّقه على إسحاق. وعلّقه إسحاق على يعقوب. فلمّا ولد له يوسف ، علّقه عليه وكان في عضده حتّى كان من أمره ما كان. فلمّا أخرجه يوسف بمصر من التميمة ، وجد يعقوب ريحه. وهو قوله عزوجل : (إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ). فهو ذلك القميص الذي أنزل من الجنّة. قلت : جعلت فداك ؛ فإلى من صار هذا القميص؟ قال : إلى أهله. ثمّ يكون مع قائمنا إذا خرج. ثمّ قال : كلّ نبيّ
__________________
(١) الكشّاف ٢ / ٥٠٢ ـ ٥٠٣.
(٢) مجمع البيان ٥ / ٤٠١.
(٣) الكشّاف ٢ / ٥٠٣.