كَظِيمٌ)
(وَتَوَلَّى) ؛ أي : أعرض عنهم كراهة لما جاؤوا به. (١)
(يا أَسَفى) أي : يا أسفا ، تعالي ، فهذا أوانك. والأسف : أشدّ الحزن والحسرة. والألف بدل من ياء المتكلّم. وإنّما تأسّف على يوسف دون أخويه والحادث رزؤهما ، لأنّ رزأه كان قاعدة المصائب وكان غضّا آخذا بمجامع قلبه ، ولأنّه كان واثقا بحياتهما دون حياته. وفي الحديث : لم تعط أمّة من الأمم (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) عند المصيبة إلّا أمّة محمّد صلىاللهعليهوآله. ألا ترى إلى يعقوب حين أصابه ما أصابه ، لم يسترجع وقال : (يا أَسَفى «وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ») لكثرة بكائه. كأنّ العبرة محقت سوادهما. وقيل : ضعف بصره. وقيل : عمي. (كَظِيمٌ) : مملوّ من الغيظ على أولاده ، ممسك له في قلبه ولا يظهره. فعيل بمعنى مفعول أو بمعنى فاعل. (٢)
عن الباقر عليهالسلام قال : كان عليّ بن الحسين عليهماالسلام يصلّي في اليوم واللّيلة ألف ركعة. ولقد بكى على أبيه الحسين عليهالسلام عشرين سنة ما وضع بين يديه طعام إلّا بكى. حتّى قال له مولى له : يابن رسول الله ، أما آن لحزنك أن ينقضي؟ فقال له : ويحك! إنّ يعقوب النبيّ كان له اثنا عشر ابنا ، فغيّب عنه واحد منهم ، فابيضّت عيناه من كثرة بكائه عليه واحدودب ظهره من الغمّ ، وكان ابنه حيّا في الدنيا. وأنا نظرت إلى أبي وأخي وعمّي وسبعة عشر من أهل بيتي مقتولين حولي. فكيف ينقضي حزني؟ (٣)
في تفسير عليّ بن إبراهيم : انّ يوسف دعا في السجن فقال : أسألك بحقّ آبائي عليك وأجدادي إلّا فرّجت عنّي. فأوحى الله إليه : وأيّ حقّ لآبائك وأجدادك عليّ؟ إلى قوله : وإن كان يعقوب وهبت له اثني عشر ولدا وغيّبت عنه واحدا ، فما زال يبكي حتّى ذهب بصره وقعد على الطريق يشكوني إلى خلقي. (٤)
عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : أوحى الله سبحانه إلى يعقوب فقال : تدري لم أذهبت بصرك وقوّست
__________________
(١) الكشّاف ٢ / ٤٩٦.
(٢) تفسير البيضاويّ ١ / ٤٩٣.
(٣) الخصال ٢ / ٥١٨ ـ ٥١٩.
(٤) نور الثقلين ٢ / ٤٥٣ ، عن تفسير القمّيّ.