تدبير أمورهم على أيّ صفة يذهبون وما ذا يقولون لأبيهم في شأن أخيهم. لأنّهم تعايوا بما دهمهم من الخطب ، فاحتاجوا إلى التشاور. (كَبِيرُهُمْ). أي في السن ، وهو روبيل. أو في العقل ، وهو يهوذا. (ما فَرَّطْتُمْ). إمّا أن يكون صلة ، وإمّا أن يكون مصدريّة في محلّ الرفع على الابتداء [و](مِنْ قَبْلُ) خبره ، ومعناه : ووقع من قبل تفريطكم في يوسف. أو محلّه النصب عطفا على مفعول (أَلَمْ تَعْلَمُوا). كأنّه قيل : ألم تعلموا أخذ أبيكم عليكم موثقا وتفريطكم من قبل؟ فلن أفارق أرض مصر (حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي) في الانصراف إليه. (أَوْ يَحْكُمَ اللهُ لِي) بالخروج منها أو بخلاص أخي من يده بسبب من الأسباب. (١)
(نَجِيًّا) ؛ أي : اعتزلوا متناجين. وهذا من ألفاظ القرآن التي هي في الغاية القصوى من الفصاحة والإيجاز. (أَوْ يَحْكُمَ اللهُ). قيل : الحكم بالموت ، أو بما يكون عذرا لنا عند أبينا. (٢)
(كَبِيرُهُمْ) : لاوي بن يعقوب. (٣)
عن أبي عبد الله عليهالسلام : لمّا استيأسوا من أخيهم ، رجع أكبرهم ـ وهو يهوذا ـ إلى يوسف فارتفع الكلام بينه وبينه وغضب. وكان على كتفه شعرة إذا غضب قامت الشعرة فلا تزال تقذف الدم حتى يمسّه بعض ولد يعقوب. وكان بين يدي يوسف ابن له صغير بيده رمّانة من ذهب يلعب به. فلمّا رآه يوسف قد غضب وقامت الشعرة تقذف الدم ، أخذ الرمّانة من يد الصبيّ ثمّ دحرجها نحو يهوذا. فأتبعها الصبيّ ليأخذها فوقعت يده على يهوذا فذهب غضبه. فارتاب يهوذا. ورجع الصبيّ بالرمّانة إلى يوسف. ثمّ ارتفع الكلام بينهما ، وهكذا ثالثا. فقال يهوذا : إنّ في البيت من ولد يعقوب. (٤)
وفي حديث آخر عنه عليهالسلام : فعند ذلك قال يوسف : (هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ)(٥)؟ (٦)
__________________
(١) الكشّاف ٢ / ٤٩٤ ـ ٤٩٥.
(٢) مجمع البيان ٥ / ٣٩٠.
(٣) تفسير القمّيّ ١ / ٣٤٩.
(٤) تفسير القمّيّ ١ / ٣٤٩ ـ ٣٥٠ ، وتفسير العيّاشيّ ١ / ١٨٧.
(٥) يوسف (١٢) / ٨٩.
(٦) تفسير العيّاشيّ ٢ / ١٨٧.