الأمر بالسوء والشهوة. واللّام للجنس. أي : كلّ النفوس كذلك. أو للعهد ، إشارة إلى نفسها. (إِلَّا ما رَحِمَ) ؛ أي : من رحمهالله وعصمه باللّطف. أو : إلّا مدّة ما عصم ربّي. ومن قال إنّه من كلام يوسف ، قال : إنّه أراد الدعاء والمنازعة والشهوة ولم يرد العزم على المعصية. أي : لا أبرّئ نفسي ممّا لا تعرى منه طباع البشر. وإنّما امتنعت عن الفاحشة بحول الله ولطفه وهدايته لا بنفسي. وإنّما قال : (وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي) لأنّه كره أن يكون قد زكّى نفسه. (١)
(بِالسُّوءِ). ابن كثير ونافع : «بالسو» بقلب الهمزة واوا والإدغام. (٢)
(إِلَّا ما رَحِمَ رَبِّي). وهم أولو العصمة والطهارة.
[٥٤] (وَقالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنا مَكِينٌ أَمِينٌ)
(وَقالَ الْمَلِكُ) لمّا تبيّن له أمانة يوسف وعلمه. (أَسْتَخْلِصْهُ) لتدبير أموري. (٣)
(فَلَمَّا كَلَّمَهُ). لمّا دخل يوسف على الملك ، دعا له بالعبرانيّة ، فقال : ما هذا اللسان؟ قال : لسان آبائي. وكان الملك يتكلّم بسبعين لسانا فكلّمه بها ، فأجابه بجميعها. فتعجّب منه وقال : أيّها الصدّيق ، إنّي أحبّ أن أسمع رؤياي منك. فوصف له رؤياه على ما رأى. ثمّ قال له : من حقّك أن تجمع الطعام في الأنابير فيأتيك الخلق من النواحي ويمتارون منك ويجتمع لك من الكنوز ما لم يجتمع لأحد. (مَكِينٌ) : صاحب منزلة. (أَمِينٌ) : مؤتمن على كلّ شيء. (٤)
[٥٥] (قالَ اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ)
(قالَ اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ) : ولّني خزائن أرضك. إنّي أمين أحفظ ما تستحفظنيه ، عالم بوجوه التصرّف ، وصفا لنفسه بالأمانة والكفاية اللّتين هما طلبة الملوك ممّن يولّونه. وإنّما قال ذلك ليتوصّل إلى إمضاء أحكام الله وإقامة الحقّ وبسط العدل و
__________________
(١) مجمع البيان ٥ / ٣٦٨.
(٢) تفسير البيضاويّ ١ / ٤٨٧.
(٣) مجمع البيان ٥ / ٣٦٩.
(٤) الكشّاف ٢ / ٤٨١ ـ ٤٨٢.