لأنّهنّ ادّعين عليه نحو ما ادّعته زليخا. قال ابن عبّاس : لو خرج قبل أن يعلم الملك بشأنه ، ما زالت في نفس العزيز منه حالة يقول : هذا الذي راود امرأتي. وقيل : أشفق يوسف من أن يراه الملك بعين مشكوك في أمره متّهم بفاحشة فأحبّ أن يراه بعد أن يزول عن قلبه ما كان فيه. وروي عن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّه قال : عجبت من يوسف وصبره وكرمه حين أتاه الرسول فقال : (ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ). ولو كنت مكانه ولبثت في السجن ما لبث ، لأسرعت الإجابة وبادرتهم الباب وما ابتغيت العذر. إنّه كان لحليما ذا أناة. (بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ) ، قادر على إظهار براءتي. وقيل : إنّ سيّدي الذي هو العزيز لعليم بكيدهنّ. استشهده فيما علم من حاله. عن أبي مسلم. والأوّل هو الوجه. (١)
(فَسْئَلْهُ). فيه دليل على أنّه ينبغي أن يجتهد في نفي التهم ويتّقى مواقعها. (٢)
(النِّسْوَةِ). عاصم بضمّ النون. وكسرها الباقون. وهما لغتان. (٣)
(بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ). يجوز أن يكون أراد الوعيد لهنّ. أي : إنّ ربّي يعلم كيدهنّ ويجازيهنّ. (٤)
[٥١] (قالَ ما خَطْبُكُنَّ إِذْ راوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما عَلِمْنا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ)
(حاشَ لِلَّهِ). تنزيه له وتعجّب من قدرته على خلق عفيف مثله. (٥)
(ما خَطْبُكُنَّ إِذْ راوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ)؟ هل وجدتنّ منه ميلا إليكنّ؟ (٦)
(ما خَطْبُكُنَّ). أي طلب الملك النسوة وقال : ما شأنكنّ إذ دعوتنّه إلى أنفسكنّ؟
(حاشَ لِلَّهِ). تنزيه له عن ذلك الأمر. (مِنْ سُوءٍ) ؛ أي : من خيانة ، وما فعل شيئا ممّا
__________________
(١) مجمع البيان ٥ / ٣٦٧.
(٢) تفسير البيضاويّ ١ / ٤٨٧.
(٣) مجمع البيان ٥ / ٣٦٦.
(٤) الكشّاف ٢ / ٤٧٨.
(٥) تفسير البيضاويّ ١ / ٤٨٧.
(٦) الكشّاف ٢ / ٤٧٨.