عن الصادق عليهالسلام أنّه قال : لقد همّت بأن تفعل وهمّ بأن لا يفعل. فقال المأمون : لله درّك يا أبا الحسن. (١)
وعن عليّ بن الحسين عليهماالسلام في قوله : (لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ) قال : قامت امرأة العزيز إلى الصنم فألقت عليه ثوبا. فقال لها يوسف : ما هذا؟ فقالت : أستحيي من الصنم أن يرانا. فقال : أتستحين ممّن لا يسمع ولا يبصر ولا أستحيي أنا ممّن خلق الإنسان وعلّمه؟ فذلك قوله : (لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ). (٢)
عن أمير المؤمنين عليهالسلام مجيبا لبعض الزنادقة وقد قال : وأجده قد شهر هفوات أنبيائه بقوله في يوسف : (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ). فقال عليهالسلام : وأمّا هفوات الأنبياء عليهمالسلام وما بيّنه الله في كتابه ، فإنّ ذلك من أدّل الأدّلة على حكمة الله. لأنّه علم أنّ براهين الأنبياء تكبر في صدور أممهم وأنّ منهم من يتّخذ بعضهم إلها ـ كالنصارى في ابن مريم ـ فذكرها دلالة على تخلّفهم عن الكمال الذي انفرد به عزوجل. (٣)
(وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ). الهمّ في اللّغة يأتي على وجوه : منها العزم على الفعل. ومنها خطور الشيء بالبال وان لم يقع العزم عليه. ومنها أن يكون بمعنى المقاربة. قالوا : همّ فلان أن يفعل كذا ؛ أي : قارب. ومنها الشهوة وميل الطبع. وإذا كان معاني الهمّ في اللّغة مختلفة ، يجب أن ينفى عن نبيّ الله يوسف ما لا يليق به وهو العزم على القبيح. لأنّ الدليل قد دلّ على أنّ الأنبياء لا يجوز عليهم المعاصي. وأجزنا عليه ما سواه من معاني الهمّ. لأنّ كل واحد من ذلك يليق بحاله. (بُرْهانَ). وهو النبوّة المانعة من ارتكاب الفواحش والحكم الصارفة عن القبائح. روي ذلك عن الصادق عليهالسلام. (كَذلِكَ) ؛ أي : كذلك أريناه البرهان لنصرف عنه الإثم والزنى. (٤)
(وَلَقَدْ هَمَّتْ) : قصدت مخالطته وقصد مخالطتها. والهمّ بالشيء : قصده والعزم عليه. و
__________________
(١) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ / ١٥٥ ـ ١٦٠ ، ح ١.
(٢) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ / ٤٤ ، ح ١٦٢.
(٣) الاحتجاج ١ / ٣٤٥ ـ ٣٤٩.
(٤) مجمع البيان ٥ / ٣٤١ ـ ٣٤٢ و ٣٤٤ ـ ٣٤٥.