[٥٧] (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّونَهُ شَيْئاً إِنَّ رَبِّي عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ)
(فَإِنْ تَوَلَّوْا) حكاية عمّا قاله لقومه. والمعنى : فإن تتولّوا. (فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ) ؛ أي : ليس التقصير منّي في إبلاغكم وإنّما هو بسوء اختياركم. (وَيَسْتَخْلِفُ) ؛ أي : يجعلهم بدلا منكم. (حَفِيظٌ) يحفظه من الهلاك إن شاء ويهلكه إن شاء. أو إنّه يحفظني منكم ومن أذاكم. أو إنّه حفيظ على أعمال العباد يجازيهم عليها. (١)
(يَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ) يخلفونكم في دياركم وأموالكم. (٢)
[٥٨] (وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا هُوداً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْناهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ)
(أَمْرُنا) بهلاك عاد. (آمَنُوا مَعَهُ). كانوا أربعة آلاف. (بِرَحْمَةٍ مِنَّا) ؛ أي : بما أريناهم من الهدى والبيان. أو : أنجيناهم برحمتنا. (وَنَجَّيْناهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ) ؛ أي : كما نجّيناهم من عذاب الدنيا ، نجّيناهم من عذاب الآخرة. والغليظ : الثقيل العظيم. ويحتمل أن يكون صفة للعذاب الذي عذّب به قوم هود. (٣)
(وَنَجَّيْناهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ). فإن قلت : ما معنى تكرير التنجية؟ قلت : ذكر أوّلا [أنّه] حين أهلك عدوّهم نجّاهم ، ثمّ قال : (وَنَجَّيْناهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ) على معنى : وكانت تلك التنجية من عذاب غليظ. وذلك أنّ الله بعث عليهم السموم فكانت تدخل في أنوفهم وتخرج من أدبارهم تقطّعهم عضوا عضوا. (٤)
إنّ عادا كانت بلادهم في البادية من المشرق (٥) إلى الأجفر أربعة منازل. وكان لهم زرع ونخيل ، ولهم أجسام طويلة. فعبدوا الأصنام. وبعث الله إليهم هودا يدعوهم إلى الإسلام.
__________________
(١) مجمع البيان ٥ / ٢٥٩.
(٢) الكشّاف ٢ / ٤٠٤.
(٣) مجمع البيان ٥ / ٢٥٩ ـ ٢٦٠.
(٤) الكشّاف ٢ / ٤٠٥.
(٥) المصدر : الشقيق». والشقيق والأجفر منزلان بطريق مكّة.