يسمع الناس يقول : اللهمّ هب لعليّ المحبّة في صدور المؤمنين والهيبة والعظمة في صدور المنافقين. فأنزل الله : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا* فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا)(١) بني أميّة. فقال رمع : والله لصاع تمر في شنّ بال أحبّ إليّ ممّا سأل محمّد ربّه! أفلا سأله ملكا يعضده أو كنزا ينفعه؟ فأنزل الله فيه عشر آيات من هود أوّلها : (فَلَعَلَّكَ تارِكٌ) ـ إلى آخره. (٢)
(فَلَعَلَّكَ). روي عن ابن عبّاس أنّ رؤساء قريش قالوا : يا محمّد ، إن كنت رسولا فحوّل لنا جبال مكّة ذهبا ، أو ائتنا بملائكة يشهدون لك بالنبوّة. فأنزل الله : (فَلَعَلَّكَ تارِكٌ) ـ الآية. وروى العيّاشيّ بإسناده عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال لعليّ عليهالسلام : إنّي سألت ربّي أن يؤاخي بيني وبينك ، ففعل. وسألت ربّي أن يجعلك وصيّي ، ففعل. فقال بعض القوم : والله لصاع تمر في شنّ بال أحبّ إلينا ممّا سأل محمّد ربّه! فهلّا سأله ملكا يعضده أو كنزا يستعين به على فاقته؟ فنزلت الآية. (بَعْضَ ما يُوحى) : بعض القرآن ؛ وهو ما فيه سبّ آلهتهم فلا تبلّغهم إيّاه خوفا منهم ويضيق صدرك ممّا يقولونه. وقوله : (فَلَعَلَّكَ) المراد به النهي عن ترك أداء الرسالة. (٣)
[١٣] (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ)
(أَمْ). منقطعة. (افْتَراهُ). الضمير لما يوحى إليك. (بِعَشْرِ سُوَرٍ). تحدّاهم أوّلا بعشر سور [ثمّ بسورة واحدة] كأنّه قال : فإذا عجزتم ، فسورة واحدة. (مِثْلِهِ) : بمعنى أمثاله ، ذهابا إلى مماثلة كلّ واحدة منها له. (مُفْتَرَياتٍ). صفة لعشر سور. لمّا قالوا : افتريت القرآن من عند نفسك وليس من عند الله ، أرخى معهم العنان وقال : هبوا أنّي اختلقته من عند نفسي ، فأنتم أيضا ائتوا بكلام مثله مختلق من عند أنفسكم ، فأنتم عرب فصحاء مثلي لا تعجزون عن مثل
__________________
(١) مريم (١٩) / ٩٦ ـ ٩٧.
(٢) تفسير العيّاشيّ ٢ / ١٤١ ـ ١٤٢ ، ح ١١.
(٣) مجمع البيان ٥ / ٢٢١.