عليه. قيل : إنّها نزلت في طائفة من المشركين قالوا : إذا أرخينا ستورنا واستغشينا ثيابنا وطوينا صدورنا على عداوة محمّد عليهالسلام ، كيف يعلم؟ (أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ) ؛ أي : حين يأوون إلى فراشهم ويتغطّون بثيابهم ، (يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ) في قلوبهم (وَما يُعْلِنُونَ) بأفواههم. فكيف يخفى عليه ما عسى يظهرونه؟ (بِذاتِ الصُّدُورِ) : بالأسرار ذات الصدور. أو : بالقلوب وأحوالها. (١)
(لِيَسْتَخْفُوا) ؛ أي : يريدون ليستخفوا. (أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ) ؛ أي : يريدون الاستخفاء حين يستغشون ثيابهم أيضا كراهة لاستماع كلام الله. كقول نوح : (جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ)(٢). (٣)
قرأ عليّ بن الحسين والباقر والصادق عليهمالسلام وجماعة : يثنوني صدورهم على يفعوعل من أبنية المبالغة من اثنوني بوزن احلولي. (يَثْنُونَ). عن أبي جعفر عليهالسلام قال : أخبرني جابر بن عبد الله أنّ المشركين إذا مرّوا برسول الله صلىاللهعليهوآله غطّى أحدهم رأسه وظهره هكذا حتّى لا يراه رسول الله ، فأنزل الله هذه الآية : (أَلا إِنَّهُمْ) ـ الآية. وقيل : إنّهم إذا كانوا عقدوا مجلسا على معاداة النبيّ والسعي في أمره بالفساد ، انضمّ بعضهم إلى بعض وثنى بعضهم صدره إلى بعض يتناجون. (لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ) ؛ أي : ليخفوا ذلك من الله. فإنّهم كانوا قد بلغ من شدّة جهلهم بالله أن ظنّوا أنّهم إذا ثنوا صدورهم على سبيل الإخفاء لم يعلم الله أسرارهم. (٤)
(يَثْنُونَ). عن أبي جعفر عليهالسلام : يكتمون ما في صدورهم من بغض عليّ عليهالسلام. وكان قوم يظهرون المودّة لعليّ عليهالسلام عند النبيّ صلىاللهعليهوآله ويسرّون بغضه. فقال : (أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ). كان إذا حدّث بشيء من فضل عليّ عليهالسلام نقضوا ثيابهم ثمّ قاموا. (٥)
[٦] (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللهِ رِزْقُها وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها كُلٌّ
__________________
(١) تفسير البيضاويّ ١ / ٤٥٠.
(٢) نوح (٧١) / ٧.
(٣) الكشّاف ٢ / ٣٧٨ ـ ٣٧٩.
(٤) مجمع البيان ٥ / ٢١٥ ـ ٢١٦.
(٥) تفسير القمّيّ ١ / ٣٢١.