وَلا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَطَؤُنَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ إِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ)
(ما كانَ). معناه النهي. (أَنْ يَتَخَلَّفُوا) في غزوة تبوك ولا غيرها. وقيل : إنّهم مزينة وجهينة وأشجع وغفار وأسلم. (وَلا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ) بأن يكونوا في الخفض والدعة ورسول الله صلىاللهعليهوآله في الحرّ والمشقّة ، بل عليهم أن يجعلوا أنفسهم وقاية لنفسه. (ذلِكَ) ؛ أي : ذلك النهي لهم والزجر عن التخلّف. (ظَمَأٌ) ؛ أي : عطش. (نَصَبٌ) ؛ أي : تعب في أبدانهم. (مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ) ؛ أي : مجاعة في طاعة الله والجهاد. وهي شدّة الجوع. (وَلا يَطَؤُنَ مَوْطِئاً) ؛ أي : لا يضعون أقدامهم موضعا (يَغِيظُ الْكُفَّارَ) وطؤهم إيّاه. يعني دار الحرب. (وَلا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً) ؛ أي : لا يصيبون من المشركين أمرا من قتل أو جراحة أو أمر يغمّهم ويغيظهم. (إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ). لأنّ الله لا يضيع أجر الذين يفعلون الأفعال الحسنة. (١)
(أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) على إحسانهم. وهو تعليل لكتب وتنبيه على أنّ الجهاد إحسان. أمّا في حقّ الكفّار ، فلأنّه سعي في تكميلهم بأقصى ما يمكن ، كضرب المداوي للمجنون. وأمّا في حقّ المؤمنين ، فلأنّه صيانة لهم عن سطوة الكفّار واستيلائهم. (٢)
[١٢١] (وَلا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً وَلا يَقْطَعُونَ وادِياً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ)
(نَفَقَةً) في الجهاد. (وَلا يَقْطَعُونَ) ؛ أي : لا يجاوزون. (لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) ؛ أي : كتب طاعاتهم ليجزيهم عليها بقدر استحقاقهم ويزيدهم من فضله حتّى يصير الثواب أحسن وأكثر من عملهم. وقيل : معناه : ليجزيهم الله بأحسن ما كانوا يعملون.
__________________
(١) مجمع البيان ٥ / ١٢٣ ـ ١٢٤.
(٢) تفسير البيضاويّ ١ / ٤٢٥.