رسول الله المدينة ، أمر أن لا يكلّموا. فهجرهم الناس حتّى نساؤهم. فضاقت عليهم المدينة. وخرجوا إلى رؤوس الجبال فتهاجروهم أيضا وتفرّقوا. وبقوا على ذلك خمسين يوما يتوبون إلى الله ، فقبلت توبتهم وأنزل فيهم هذه الآية. (١)
(خُلِّفُوا) عن غزوة تبوك. (وَضاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ) من جهة الغمّ الذي حصل لهم. (٢)
(ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ) لإعراض الناس عنهم. (٣)
(ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ) ؛ أي : سهّل عليهم التوبة حتّى تابوا. وقيل : (لِيَتُوبُوا) ؛ أي : ليعودوا إلى حالتهم الأولى قبل المعصية. وقيل : معناه : ثمّ تاب على الثلاثة وأنزل توبتهم على نبيّه صلىاللهعليهوآله ليتوب المؤمنون من ذنوبهم. قال الحسن : أما والله ما سفكوا من دم ولا أخذوا من مال ولا قطعوا من رحم ولكنّ المسلمين تسارعوا في الشخوص مع رسول الله صلىاللهعليهوآله وتخلّف هؤلاء. وكان واحد منهم تخلّف بسبب ضيعة له ، والآخر لأهله ، والآخر طلبا للراحة. ثم ندموا وتابوا ، فقبل الله توبتهم. (٤)
[١١٩] (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ)
(اتَّقُوا اللهَ) ؛ أي : معاصيه. (مَعَ الصَّادِقِينَ). في مصحف عبد الله : «من الصادقين» وروي ذلك عن أبي عبد الله عليهالسلام. (مَعَ الصَّادِقِينَ) ؛ أي : على مذهب من يستعمل الصدق في أقواله وأفعاله. وقيل : المراد بالصادقين هم الذين ذكرهم بقوله : (رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ) يعني حمزة وجعفرا (وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ)(٥) يعني عليّ بن أبي طالب عليهالسلام. وروى جابر عن أبي عبد الله عليهالسلام : (مَعَ الصَّادِقِينَ) ؛ أي : مع آل محمّد عليهمالسلام. (٦)
[١٢٠] (ما كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللهِ
__________________
(١) مجمع البيان ٥ / ١٢٠.
(٢) مجمع البيان ٥ / ١٢١.
(٣) تفسير البيضاويّ ١ / ٤٢٤.
(٤) مجمع البيان ٥ / ١٢١.
(٥) الأحزاب (٣٣) / ٢٣.
(٦) مجمع البيان ٥ / ١٢٢.