إلى غزوة أخرى بعد تبوك. (لَنْ تَخْرُجُوا). إخبار في معنى النهي للمبالغة. (إِنَّكُمْ). تعليل له. وكان إسقاطهم عن ديوان الغزاة عقوبة لهم على تخلّفهم. و (أَوَّلَ مَرَّةٍ) هي الخرجة إلى غزوة تبوك. (مَعَ الْخالِفِينَ) ؛ أي : المتخلّفين لعدم لياقتهم للجهاد كالصبيان والنساء. (١)
(الْخالِفِينَ) ؛ أي : أهل الفساد. من قولهم : نبيذ خالف ؛ أي : فاسد. وقيل : مع المرضى والزمنى. (٢)
[٨٤] (وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَماتُوا وَهُمْ فاسِقُونَ)
(وَلا تُصَلِّ). كان النبيّ صلىاللهعليهوآله يصلّي على المنافقين ويجري عليهم أحكام المسلمين. (وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ) ؛ أي : لا تقف على قبره للدعاء. فإنّه كان إذا صلّى على ميّت يقف على قبره ساعة ويدعو له. فنهاه عن الأمرين. (إِنَّهُمْ كَفَرُوا). سبب الأمرين. فما صلّى رسول الله صلىاللهعليهوآله بعد ذلك على منافق. وروي أنّه صلىاللهعليهوآله صلّى على عبد الله بن أبيّ وألبسه قميصه قبل أن ينهى عن الصلاة على المنافقين. وقيل : إنّه أراد أن يصلّي عليه فأخذ جبرئيل بثوبه وتلا عليه : (وَلا تُصَلِّ) ـ الآية. وروي أنّه قيل لرسول الله : لم وجّهت إليه بقميصك يكفن فيه وهو كافر؟ فقال : إنّ قميصي لن يغني عنه من الله شيئا. وإنّي أؤمّل من الله أن يدخل بهذا السبب في الإسلام خلق كثير. فروي أنّه أسلم ألف من الخزرج لمّا رأوه يطلب الاستشفاء بثوب رسول الله صلىاللهعليهوآله. (٣)
[٨٥] (وَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَأَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الدُّنْيا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ)
(وَلا تُعْجِبْكَ). الخطاب للنبيّ صلىاللهعليهوآله والمراد منه الأمّة. (فِي الدُّنْيا) بما يلحقهم فيها من
__________________
(١) تفسير البيضاويّ ١ / ٤١٥.
(٢) مجمع البيان ٥ / ٨٦.
(٣) مجمع البيان ٥ / ٨٧.