احْصُرُوهُمْ) ؛ أي : احبسوهم واسترقّوهم. أو : امنعوهم دخول مكّة والتصرّف في بلاد الإسلام. (كُلَّ مَرْصَدٍ) ؛ أي : بكل طريق تظنّون أنّهم يمرّون فيه ، وضيّقوا المسالك عليهم لتمكنوا من أخذهم. وقوله : (لَهُمْ) معناه : لقتلهم وأسرهم. (فَإِنْ تابُوا) عن الكفر وانقادوا للشرع (وَأَقامُوا الصَّلاةَ) : وقبلوا إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة. لأنّ عصمة الدم لا تقف على إقامة الصلاة وأداء الزكاة ، فثبت أنّ المراد به القبول. (فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ) ؛ أي : دعوهم يتصرّفون في بلاد الإسلام. واستدلّوا بهذه الآية على أنّ [من] ترك الصلاة متعمّدا يجب قتله ، لأنّ الله قال في المشركين إذا لم يقيموها وجب قتلهم. (١)
(وَخُذُوهُمْ) : وأسروهم. لأنّ الأخيذ الأسير. (٢)
(وَأَقامُوا الصَّلاةَ) تصديقا لإيمانهم وتوبتهم. (٣)
[٦] (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ)
(وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) الذين أمرتك بقتالهم بعد الأربعة أشهر (اسْتَجارَكَ) لأجل سمع دعواك واحتجاجك عليه بالقرآن ، فآمنه وبيّن له ما يريد وأمهله حتى يتدبّر كلام الله. فإن دخل في الإسلام ، نال خير الدارين. وإن لم يدخل في الإسلام ، فلا تقتله فتكون قد غدرت به ، ولكن أوصله إلى ديار قومه التي يأمن فيها على نفسه وماله. (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ) ؛ أى : ذلك الأمان لهم بأنّهم قوم لا يعلمون الإيمان والدلائل ، فآمنهم حتّى يسمعوا ويتدبّروا ويتعلّموا. وفي هذا دلالة على أنّ المتلوّ والمسموع كلام الله لا أنّه حكاية له. (٤)
(اسْتَجارَكَ) : استأمنك وطلب منك جوارك. (٥)
__________________
(١) مجمع البيان ٥ / ١٢ ـ ١٣.
(٢) الكشّاف ٢ / ٢٤٧.
(٣) تفسير البيضاويّ ١ / ٣٩٦.
(٤) مجمع البيان ٥ / ١٣.
(٥) تفسير البيضاويّ ١ / ٣٦٨.