قالُوا مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ)
(وَإِذْ قالَتْ). معطوف على (إِذْ يَعْدُونَ). (أُمَّةٌ) ؛ أي : جماعة من القرية الذين ركبوا الصعب والذلول في موعظتهم حتّى أيسوا من قبولهم لآخرين كانوا لا يقلعون عن وعظهم. (لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللهُ مُهْلِكُهُمْ) : مخترمهم ومطهّر الأرض منهم. (أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً). وإنّما قالوا ذلك لعلمهم أنّ الوعظ لا ينفع فيهم. (قالُوا مَعْذِرَةً) ؛ أي : موعظتنا إبلاء عذر إلى الله ولئلّا ننسب في النهي عن المنكر إلى بعض التفريط (وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) : ولطمعنا في أن يتّقوا بعض الاتّقاء. [وقرئ : «معذرة» بالنصب.](١)
(مَعْذِرَةً). قرأ حفص بالنصب على المصدر أو العلّة. أي : اعتذرنا به معذرة. أو :
وعظناهم معذرة. (٢)
[١٦٥] (فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ بَئِيسٍ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ)
(فَلَمَّا نَسُوا). قال : فقال الله : (فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ) ؛ يعني : لمّا تركوا ما وعظوا به ، مضوا على الخطيئة ، فقالت الطائفة التي وعظتهم لانبايتكم في هذه المدينة التي عصيتم الله فيها مخافة أن يعمّنا البلاء. فخرجوا إلى قريب من المدينة فباتوا. فلمّا أصبح أولياء الله غدوّا لينظروا ما حال أهل المعصية فأتوا باب المدينة ، فإذا هو لم ينفتح ، فوضعوا سلّما على رأس المدينة فأشرفوا على القوم ، فإذا هم قردة يتعاوون. فكسروا الباب ودخلوا. فعرفت القردة أنسابها من الإنس ولم تعرف الإنس أنسابها من القردة. فقالوا لهم : ألم ننهكم؟ (٣)
(فَلَمَّا نَسُوا). يعني أهل القرية. أي : تركوا ما ذكّرهم به الصالحون ترك الناسي لما ينساه. (أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ) وأخذنا الراكبين المنكر. وقيل : الأمّة [الذين قالوا : (لِمَ تَعِظُونَ)] هم الموعوظون لمّا وعظوا قالوا للواعظين : لم تعظون منّا قوما تزعمون أنّ الله مهلكهم أو
__________________
(١) الكشّاف ٢ / ١٧١.
(٢) تفسير البيضاويّ ١ / ٣٦٥.
(٣) تفسير القمّيّ ١ / ٢٤٤ ـ ٢٤٥.