لَغَفُورٌ رَحِيمٌ)
(ثُمَّ تابُوا). هذا حكم عامّ يدخل تحته متّخذو العجل ومن عداهم. (١)
[١٥٤] (وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْواحَ وَفِي نُسْخَتِها هُدىً وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ)
(وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ). هذا مثل كأنّ الغضب كان يغريه على ما فعل ويقول له : قل لقومك كذا وألق الألواح وجرّ برأس أخيك ، فترك النطق بذلك وقطع الإقراء. ولم يستحسن هذه الكلمة ولم يستفصحها كلّ ذي طبع سليم إلّا لذلك ولأنّه من قبيل شعب البلاغة. (٢)
(وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ) باعتذار هارون أو بتوبتهم. (وَفِي نُسْخَتِها). قيل : فيما نسخ من الألواح المنكسرة. (لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ). حذف المفعول واللّام للتعليل. أي : يرهبون معاصي الله لربّهم. (٣)
(وَفِي نُسْخَتِها) أي : فيما نسخ منها ؛ أي : كتب. والنسخة فعلة بمعنى مفعول. (لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ). دخلت اللّام لتقدّم المفعول. لأنّ تأخّر الفعل عن مفعوله يكسبه ضعفا. (٤)
[١٥٥] (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ أَنْتَ وَلِيُّنا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ)
(قَوْمَهُ) ؛ أي : من قومه. قيل : اختار من اثني عشر سبطا من كلّ سبط ستّة ، ثمّ خرج بهم إلى طور سيناء بعد أن خلف عنهم كالب ويوشع. فلمّا دنا موسى من الجبل ، وقع عليه عمود الغمام حتّى تغشّى الجبل كلّه. ودنا موسى ودخل فيه ، ثمّ دخل القوم فوقعوا سجّدا ، فسمعوه
__________________
(١) الكشّاف ٢ / ١٦٢.
(٢) الكشّاف ٢ / ١٦٣.
(٣) تفسير البيضاويّ ١ / ٣٦١ ـ ٣٦٢.
(٤) الكشّاف ٢ / ١٦٣.