لم أرجع إليكم فحدّثتم أنفسكم بموتي فغيّرتم كما غيّرت الأمم بعد أنبيائهم؟ روي أنّ السامريّ قال لهم حين أخرج لهم العجل : هذا إلهكم وإله موسى. إنّ موسى لن يرجع وقد مات. وروي أنّهم عدّوا عشرين يوما بلياليها فجعلوها أربعين ثمّ أحدثوا [ما] أحدثوا. (١)
(أَلْقَى الْأَلْواحَ) : طرحها لما لحقه من شدّة الضجر عند استماعه حديث العجل ، غضبا لله وحميّة لدينه. وكان في نفسه حديدا شديد الغضب. وكان هارون ألين منه جانبا ، ولذلك كان أحبّ إلى بني إسرائيل من موسى. وروي : انّ التوراة كانت سبعة أسباع. فلمّا ألقى الألواح ، تكسّرت ، فرفع منها ستّة أسباعها وبقي سبع واحد. وكان فيما رفع تفصيل كلّ شيء ، وفيما بقي الهدى والرحمة. (بِرَأْسِ أَخِيهِ) ؛ أي : بشعر رأسه. يجر إليه بذؤابته ، ظنّا بأخيه أنّه فرّط في الكفّ. (ابْنَ أُمَّ) بالفتح ، تشبيها بخمسة عشر. وكان أخاه لأبيه وأمّه ، لكنّه قصد العطف والرقّة ولأنّها كانت مؤمنة وقاست به المخاوف والشدائد فذكّره بحقّها. (اسْتَضْعَفُونِي). يعني أنّه لم يأل جهدا في كفّهم حتّى أنّهم أرادوا قتله. (فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْداءَ) ؛ أي : لا تفعل بي ما هو أمنيّتهم من الاستهانة بي ولا تجعلني في عقوبتك لي قرينا للظالمين ولا تعتقد أنّي واحد من الظالمين مع براءتي من ظلمهم. (٢)
عن أبي جعفر عليهالسلام أنّه سأل رجلا من أهل اليمن : هل تعرف صخرة في موضع كذا وكذا؟ قال : نعم ورأيتها. فقال عليهالسلام : تلك الصخرة التي حيث غضب موسى فألقى الألواح ، فما ذهب من الألواح التقمته الصخرة. فلمّا بعث رسول الله صلىاللهعليهوآله ردّته إليه. وهي عندنا. (٣)
(وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ). فيه وجوه. منها : انّه انّما فعل ذلك مستعظما لفعلهم متفكّرا فيما كان منهم ، كما يفعل الإنسان بنفسه عند الغضب وشدّة التفكّر فيقبض على لحيته ويعضّ على شفته. فأجرى موسى عليهالسلام أخاه مجرى نفسه. ومنها : انّه عليهالسلام أراد أن يظهر ما اعتراه من الغضب على قومه لإكباره منهم ما صاروا إليه من الكفر والارتداد ، فصدر ذلك منه للتألّم
__________________
(١) الكشّاف ٢ / ١٦٠ ـ ١٦١.
(٢) الكشّاف ٢ / ١٦١.
(٣) بصائر الدرجات / ١٤٧ ، ح ٧.