سقط مسند إلى في أيديهم. وهو من باب الكناية. وقال الزجّاج : معناه : سقط الندم في أيديهم ؛ أي : في قلوبهم وأنفسهم. كما يقال : حصل في يده مكروه ـ وإن كان محالا أن يكون في اليد ـ تشبيها لما يحصل في القلب وفي النفس بما يحصل في اليد ويرى بالعين. (وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا) ؛ أي : تبيّنوا ضلالهم تبيّنا كأنّهم أبصروه بعيونهم. (١)
(لَمْ يَرْحَمْنا) بإنزال التوراة. (٢)
[١٥٠] (وَلَمَّا رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ بِئْسَما خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْواحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْداءَ وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)
(أَسِفاً). الأسف : الشديد الغضب. (فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ). (٣) وقيل : هو الحزين. (خَلَفْتُمُونِي). وهذا الخطاب إمّا أن يكون لعبدة العجل من السامريّ وأشياعه ، أو لوجوه بني إسرائيل وهم هارون والمؤمنون معه ، ويدلّ عليه قوله : (اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي). (٤) أي : بئس ما خلفتموني في قومي حيث عبدتم العجل ، أو حيث لم تكفّوا من عبد غير الله. وفاعل بئس مضمر يفسّره «ما خلفتموني» والمخصوص بالذمّ محذوف. أي : بئس خلافة خلفتمونيها من بعدي خلافتكم. فإن قلت : أيّ معنى لقوله : (مِنْ بَعْدِي) بعد قوله : (خَلَفْتُمُونِي)؟ قلت : معناه : من بعد ما رأيتم منّي من توحيد الله ونفي الشركاء عنه. أو : من بعد ما كنت أحمل بني إسرائيل على التوحيد وأكفّهم عمّا طمحت نحوه أبصارهم من عبادة البقر حين قالوا : (اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ). ومن حقّ الخلفاء أن يسيروا بسيرة المستخلف ولا يخالفوه. (أَعَجِلْتُمْ). ضمن معنى سبق فعدّي تعديته. والمعنى : أعجلتم من أمر ربّكم وهو انتظار موسى حافظين لعهده وما وصّاكم به فبنيتم الأمر على أنّ الميعاد قد بلغ آخره و
__________________
(١) الكشّاف ٢ / ١٦٠.
(٢) تفسير البيضاويّ ١ / ٣٦٠.
(٣) الزخرف (٤٣) / ٥٥.
(٤) الأعراف (٧) / ١٤٢.