مكروها في ثلاثمائة وعشرين سنة. ولو أصابه في تلك المدّة وجع أو حمّى ، لما ادّعى الربوبيّة. (١)
[١٣١] (فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قالُوا لَنا هذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ)
(الْحَسَنَةُ) من الخصب والرخاء. (لَنا) ؛ أي : مختصّة بنا ونحن مستحقّوها. (سَيِّئَةٌ) من ضيق وجدب. (يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ) ؛ أي : يطّيّروا بهم ويتشاءموا ويقولوا : هذه بشؤمهم ولو لا مكانهم لما أصابتنا. وقال : (فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ) بإذا وتعريف الحسنة (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ) بإن وتنكير السيّئة ، لأنّ جنس الحسنة وقوعه كالواجب لكثرته والسيّئة لا تقع إلّا في الندرة. (طائِرُهُمْ عِنْدَ اللهِ) ؛ أي : سبب خيرهم وشرّهم حكمه ومشيّته وليس شؤم أحد ولا يمنه سببا فيه. كقوله : (قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ). (٢) أو يكون معناه : انّ سبب شؤمهم عند الله ؛ وهو عملهم المكتوب عنده الذي يجري عليهم ما يسوؤهم لأجله ويعاقبون له بعد موتهم بما وعدهم الله في قوله : (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها). (٣) ولا طائر أشأم من هذا. (٤)
[١٣٢] (وَقالُوا مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنا بِها فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ)
(وَقالُوا مَهْما). هي ما المضمّنة معنى الجزاء ضمّت إليها ما المزيدة المؤكّدة للجزاء في قولك : متى ما تخرج أخرج ، إلّا أنّ الألف قلبت هاء استثقالا وهو المذهب السديد البصريّ. ومن الناس من يزعم أنّ مه هي الصوت الذي يصوت به الكافّ وما للجزاء. كأنّه قيل : كفّ ما تأتنا به من آية لتسحرنا. ومحلّ مهما الرفع بمعنى أيّما شيء تأتنا. و (مِنْ آيَةٍ) بيان لمهما والضميران في (بِهِ) و (بِها) راجعان إلى مهما إلّا أنّ أحدهما ذكّر على اللّفظ والآخر أنّث
__________________
(١) الكشّاف ٢ / ١٤٤.
(٢) النساء (٤) / ٧٨.
(٣) غافر (٤٠) / ٤٦.
(٤) الكشّاف ٢ / ١٤٤ ـ ١٤٥.