نافع وحفص عن عاصم : (إِنَّ لَنا) على الإخبار وإيجاب الأجر كأنّهم قالوا : لا بدّ لنا من أجر. والتنكير للتعظيم. (١)
[١١٤] (قالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ)
(قالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ). معطوف على محذوف سدّ مسد حرف الإيجاب. كأنّه قال : نعم ، إنّ لكم لأجرا وإنّكم لمن المقرّبين. أراد أنّي لا أقتصر بكم على الثواب وحده. وإنّ لكم ما هو فوقه وهو القرب والتعظيم. روي أنّه قال لهم : تكونون أوّل من يدخل وآخر من يخرج. (٢)
[١١٥] (قالُوا يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ)
(إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ). تخييرهم إيّاه أدب حسن راعوه معه ، كما يفعله أهل الصناعات إذا التقوا ، كالمتناظرين قبل أن يتخاوضوا في الجدال. وقولهم : (وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ) فيه ما يدلّ على رغبتهم في أن يلقوا قبله من تأكيد ضميرهم المتّصل بالمنفصل وتعريف الخبر. وقد سوّغ لهم موسى عليهالسلام ما تراغبوا فيه قلّة مبالاة [بهم] وثقة بأنّ المعجزة لا يغلبها سحر أبدا. (٣)
[١١٦] (قالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجاؤُ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ)
(سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ) : أروها بالحيل والشعوذة وخيّلوا إليها ما الحقيقة بخلافه ؛ كقوله : (يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى). (٤) روي أنّهم ألقوا حبالا غلاظا وخشبا طوالا ، فإذا هي أمثال الحيّات قد ملأت الأرض وركب بعضها بعضا. (وَاسْتَرْهَبُوهُمْ). كأنّهم طلبوا رهبتهم. (بِسِحْرٍ عَظِيمٍ) في باب السحر. روي أنّهم لوّنوا حبالهم وخشبهم وجعلوا فيها ما
__________________
(١) تفسير البيضاويّ ١ / ٣٥٣.
(٢) الكشّاف ٢ / ١٣٩.
(٣) الكشّاف ٢ / ١٤٠.
(٤) طه (٢٠) / ٦٦.