القلب هنا تقديم ضمير المجرور المتكلّم على حقيق. أي : أنا حقيق على أن لا أقول ، لعدم الالتباس إذ يعلم أنّ المراد حقيق عليّ. (حسن)
(حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ). وفيه إشكال ولا يخلو من وجوه : أحدها أن يكون ممّا تقلب من الكلام لأمن الإلباس. والثاني : ما لزمك فقد لزمته. فلمّا كان قول الحقّ حقيقا عليه ، كان هو حقيقا على قول الحقّ أي لازما له. والثالث أن تضمن حقيق معنى حريص. والرابع ـ وهو الأوجه في نكت القرآن ـ أن يغرق موسى في وصف نفسه بالصدق في ذلك المقام. لا سيّما وقد روي أنّ عدوّ الله فرعون قال له ـ لمّا قال : (إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) ـ : كذبت. فيقول : أنا حقيق على قول الحقّ ؛ أي : واجب على قول الحقّ أن أكون أنا قائله والقائم به ولا يرضى إلّا بمثلي ناطقا به. (١)
(فَأَرْسِلْ مَعِيَ) : خلّهم حتّى يذهبوا معي راجعين إلى الأرض المقدّسة التي هي وطنهم ومولد آبائهم. وذلك أنّ يوسف عليهالسلام لمّا توفّي وانقرضت الأسباط ، غلب فرعون نسلهم واستعبدهم. فأنقذهم الله بموسى. وكان بين اليوم الذي دخل يوسف مصرا واليوم الذي دخله موسى أربعمائة عام. (٢)
[١٠٦] (قالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِها إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ)
[١٠٧] (فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ)
(فَأَلْقى عَصاهُ). عن أمير المؤمنين عليهالسلام العوسجة أوّل شجرة غرست على وجه الأرض. ومنها عصا موسى. (٣)
(ثُعْبانٌ مُبِينٌ) : لا يشكّ فى أنّه ثعبان. روي أنّه كان ثعبانا ذكرا أشعر فاغرا فاه بين لحييه ثمانون ذراعا ، وضع لحيه الأسفل في الأرض ولحيه الأعلى على سور القصر ، ثمّ توجّه نحو
__________________
(١) الكشّاف ٢ / ١٣٧ ـ ١٣٨.
(٢) الكشّاف ٢ / ١٣٨.
(٣) عيون الأخبار ١ / ٢٤٥.