أراد السكون فيها فقال له اليهود : إنّها مهاجر نبيّ يكون آخر الأنبياء. فخلّف تبّع من رهطه الأوس والخزرج لينصروه عند ظهوره. وكانوا يتناولون أموال اليهود وكانت اليهود تقول لهم : أما لو قد بعث الله محمّدا ، لنخرجنّكم من ديارنا وأموالنا. فلمّا بعث الله محمّدا صلىاللهعليهوآله آمنت به الأنصار وكفرت به اليهود. وهو قول الله : (وَكانُوا مِنْ قَبْلُ) ـ الآية. (١)
[٩٠] (بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِما أَنْزَلَ اللهُ بَغْياً أَنْ يُنَزِّلَ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ فَباؤُ بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ)
«ما» نكرة منصوبة مفسّرة لفاعل «بئس» ، بمعنى : بئس شيئا (اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ). والمخصوص بالذمّ (أَنْ يَكْفُرُوا). واشتروا بمعنى باعوا. (٢)
(بِئْسَمَا) ؛ أي : إنّهم اعتاضوا بالكفر عن الثواب. (٣)
(بِما أَنْزَلَ اللهُ) في عليّ عليهالسلام. هكذا نزلت. عن الباقر عليهالسلام. (وَلِلْكافِرِينَ). يعني بني أميّة. (مِنْ عِبادِهِ). يعني عليّا عليهالسلام. عن الباقر عليهالسلام. (فَباؤُ). يعني بني أميّة. عن الباقر عليهالسلام. (٤)
(بَغْياً) ؛ أي : حسدا وطلبا لما ليس لهم. وهو علّة اشتروا. (أَنْ يُنَزِّلَ) : [لأن ينزّل]. أو : على أن ينزّل الله. أي : حسدوه على أن ينزّل الله (مِنْ فَضْلِهِ) الذي هو الوحي (عَلى مَنْ يَشاءُ) ويقتضي حكمته إرساله. (فَباؤُ) ؛ أي : صاروا أحقّاء (بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ) مترادف. لأنّهم كفروا بنبيّ الحقّ وبغوا عليه. وقيل : كفروا بمحمّد صلىاللهعليهوآله بعد عيسى. وقيل بعد قولهم : (عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ)(٥) وقولهم : (يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ)(٦) وغير ذلك من أنواع كفرهم. (٧)
(أَنْ يُنَزِّلَ اللهُ). ابن كثير وأبو عمرو مضموم الأوّل بالتخفيف. (٨)
(فَباؤُ) ؛ أي : رجعت اليهود بعد ما كانوا يستفتحون على الناس مرتدّين على أعقابهم
__________________
(١) الكافي ٨ / ٣٠٨ ، ح ٤٨١.
(٢) الكشّاف ١ / ١٦٥.
(٣) التبيان ١ / ٣٤٩.
(٤) تفسير العيّاشيّ ١ / ٥٠ ، ح ٧٠.
(٥) التوبة (٩) / ٣٠.
(٦) المائدة (٥) / ٦٤.
(٧) الكشّاف ١ / ١٦٥.
(٨) تفسير البيضاويّ ١ / ٧٥.